٢٦‏/٣‏/٢٠٠٩

عن الأمل

يوم جديد
يا خالق الكون بالحساب والجبر
وخالقني ماشي بالاختيار والجبر
كل اللي حيلتي زمزمية أمل
وازاي تكفيني لباب القبر ؟!
عجبي !
من رباعيات صلاح جاهين

11 صباحا
صوت المذيعة يصل اليّ عبر مذياع السيارة ،وهي تسأل المتصلة ان كانت ستكمل المسابقة أو تنسحب ، قررت المتسابقة أن تكتفي بالنقود التي حصلت عليها في دقائق معدودة ، مجرد صدفة جعلتها تفوز في السحب ، ويجري بها الاتصال ، لتستمع الى أسئلة تافهة تنوب المذيعة عنها –تقريبا-في الاجابة عليها . أغلب من يبعثون برسائل المحمول ويجرون الاتصالات بغية أن يحالفهم الحظ يدركون أن كثيرين غيرهم يحاولون ، وأن شركة الاتصالات والبرنامج هما الرابحان الأساسيان من الأمر كله ، لكن كلا منهم لديه من الأمل ما يقول له انه قد يفوز كما فاز غيره ، ولا ضرر من المحاولة ودفع نقود زهيدة مقابل مكسب ضخم (لو تحقق) . أتذكرعبارة جميلة قالتها شخصية في فيلم (المليونير المتشرد) حين سألها البطل عن سر مشاهدة الجميع لبرنامج المسابقات الشهير (من سيربح المليون؟) ..قالت انه فرصة للهرب . يضعك في حياة جديدة . شيء لا يختلف كثيرا عن أوراق (اليانصيب) أو حتى المقامرة ، وسيبقى مابقي هناك أمل في الفوز.
***
12 ظهرا
في موعدي تماما أصل الى ساحة انتظار السيارات ، لكن صفا من السيارات يتوقف منتظرا أمام مدخلها الذي أقرأ عليه لافتة :كامل العدد . حسنا سأصفها في الساحة الأخرى . وصلت فلم أجد بها أي مكان خال . اندهشت لهذا الزحام في يوم السبت والكثير من الأماكن في اجازة . لأكثر من ثلث ساعة كنت أدور حول الكلية وأدخل شوارع جانبية ضيقة وأخرج منها دون أن أجد بضعة أمتار خالية . لا يمكن أن أحصي كم مرة زفرت وضربت عجلة القيادة غضبا والوقت يمر وأنا أتأخر دون أظفر بحقي الطبيعي كانسان أنهى طريقه في أن (أغلق السيارة وأمضي) . تركتها صفا ثانيا لاعنا كل القوانين وأسرعت الى المحاضرة وليكن ما يكون . فكرت كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يحتملوا هذا الزحام الخانق ويتعايشوا معه ، كيف يحتملون أن يصلوا الى مقاصدهم بعد أضعاف من الوقت المفترض لقطع المسافة . لماذا لا يقوم سكان القاهرة كلهم باضراب ؟ الواقفون معذبين في انتظار مواصلات يتكدسون داخلها ، وقائدو السيارات المحبوسون داخلها في طرق لا تتحرك . هو الأمل ربما . الأمل في أن يجد المرء فرجة ينفذ منها وسط الزحام ويكمل طريقه . الأمل في الخلاص الفردي وحسب .
***
3عصرا
في طريق العودة . واحدة من بين السيارات التي تتحرك ببطء السلحفاة كانت سيارتي بالقرب من الاستاد . عبر من أمامي طفل صغير جميل في يده علم ناديه ويده الأخرى في يد والده .تابعته عيني الى الجهة الأخرى ماشيا نحو الاستاد . كبقية جماهير ناديه لم يفقدوا الأمل في خروج ناديهم من دوامة الأزمات والمعارك ، والخسائر المتلاحقة لسنوات . لولا هذا الأمل لانهار كل شيء . فكرت أنني كان يجب أن ألتقط صورة للطفل ، لكنني لا أملك ترفا كهذا وأنا أقود في ذلك الزحام . كم يحرمنا الزحام من الأشياء الجميلة !
بالتأكيد كان الطفل سعيدا عندما فاز فريقه في المساء وقدم مباراة ممتعة ، وأحرز أهدافا غزيرة لم يحققها منذ فترة ، معتمدا على لاعبين شبان يقول الخبراء انهم يمثلون الأمل في مستقبل أفضل للفريق . مادام هناك مستقبل فيجب أن يكون هناك أمل .