٢٦‏/١٠‏/٢٠١٠

يوميات (5) ..نغمة جديدة

يوم جديد
أبحث عن مدينتي التي هجرتها
فلا أراها !
أبحث عن مدينتي
يا إرم العماد
يا إرم العماد
يا بلد الأوغاد والأمجاد
ردي إليّ صفحة الكتاب
وقدح القهوة واضطجاعتي الحميمه
فيرجع الصدى
كأنه اسطوانة قديمه
يا إرم العماد ..
يا إرم العماد ..

شعر..أمل دنقل
قصيدة..الهجرة إلى الداخل
ديوان..تعليق على ما حدث

صباح أربعاء ..عيني تتنقل ما بين العناوين ، ثم تمتد يدي بحركة آلية لتلتقط عدد الدستور الأسبوعي . لكن نغمة غريبة تسترعي الانتباه وتوقف مجرى الاعتياد الهادئ . شكل الصفحة الأولى مختلف . مقال إبراهيم عيسى غائب عنها . تأتي النغمات متلاحقة ومتسقة في طريقها : اسمه غائب عن الترويسة . العنوان الرئيسي يتحدث عن الأزمة . الصفحة الثالثة تأتي بحوار مطول مع رئيس مجلس الإدارة الجديد ينفي أي مشكلة ويقول إن عيسى مستمر ككاتب لكنه سيترك موقعه كرئيس تحرير . كان يمكن أن أصدق . لولا أن انتخابات الرئاسة تقترب .. لولا أن برنامج عيسى على المحطة الفضائية أوقف .. لولا أن عيسى من رؤساء التحرير القلائل الذين تماثل شهرتهم شهرة الجريدة أو تفوقها.. لولا أن المقال الذي يحتل المساحة أسفل حوار السيد البدوي لا يمكن أن تنكر فيه الشماتة والهجوم .
إلى أين تمضي النغمات الجديدة ؟ هل إلى دستور هادئة النبرة وديعة المعارضة كأخوات لها بدلا من تلك الصارخة متجاوزة الأسوار ؟
لا يزال المحررون رافضين للأمر والأزمة قائمة ، صحيح ما قالته الجريدة في تعقيبها إن التغيير سنة الحياة .. لكنني لا أفهم : لماذا إذن لا تتغير الأشياء التي نكرهها ؟

١٤‏/١٠‏/٢٠١٠

تفتت

يوم جديد

هل تجالس نفسك كل مساء

وحيدا كحبة رمل ْ ؟

تمد يدا في الفراغ ِ

لتمسك حبة رمل ْ

وتلصق وجهك ، كفيك بالأرض ِ

تسمع صوت انفجار بعيد ْ ؟

شعر..فاروق شوشة

قصيدة ..وحيد كحبة رمل

ديوان..أحبك حتى البكاء



أتذكرها جالسة القرفصاء في ظل الشجرة الكبيرة . ضئيلة تحتها ولكن تجمعهما النضارة . ثم يتلاشى من ذهني الزمن ، فأحس بأنني في مقعدي هذا منذ الأزل وهذه العربات من حولي متراصة منذ آماد بعيدة . وجهي في المرآة الصغيرة يشبهني لكن كأنه ليس لي . قطرات العرق تتفصد على جبهته وتتجمع وتنساب ببطء . أتعجب : كيف لا تبخرها كل هذه السخونة ؟ أما طيف وجهها فثابت . عيناها مغمضتان وملامحها باهتة . لم يعد معنى من النظر إلى الساعة . أمامي من أحنى ظهره واستند بصدره إلى عجلة القيادة . عن يميني من أراح وجهه بين راحتيه ، وعن يساري من ينظر في ثبات وتأمل إلى لا شيء . الناظر من أعلى سيرى شكلا منبعجا تصنعه منمنمات متجاورة مختلفة الألوان لا تكاد تتحفز حتى تعود للتوقف . لكنه أبدا لن يراني . لن يستطيع أن يميزني وسط هذه الجموع المتشابهة .
طيف وجهها من جديد .. علب الدواء .. باب الغرفة .. الطرقة الضيقة تسلم إلى الدرج .. الشجرة العارية في اللوحة المعلقة على الجدار .. الثياب البيضاء ثم الزحام والضجيج والبوابة الكبيرة . هل يمكن أن تفتح عينيها من جديد أم ستبقى هكذا إلى الأبد ؟
صفق الصوت حاسما وقريبا ..قريبا إلى حد لا يمكن تجاهله . كسيرات الزجاج المتساقطة أمام عيني تؤكد أنه حقيقة لا وهم . كيف ألتصق بالمقعد ولا أجد بي أي رغبة في النزول والتفقد ؟ السائق الآخر أخرج رأسه من النافذة . نظر خلفه إلى الشظايا . نظر إليّ . في وجهه تعبير غريب . لا فيه غضب ، ولا فيه عدم اكتراث . ثم عاد ينظر أمامه ، وأحنى ظهره واستند بصدره إلى عجلة القيادة . هل كانت شجرة اللوحة بلا أوراق أم كانت هناك أوراق متساقطة بجوارها ؟ تطلعت كل العيون إلينا للحظات ، ثم أشاحت بعيدا ... ثم لم يكن شيء .