٢٥‏/٨‏/٢٠١٣

لا مفر

يوم جديد
أحفظُ رأسي في الخزائنِ الحديديّهْ
وعندما أبدأُ رِحلتي النهاريّة
أحمل في مكانِها.. مذياعا!
(أنشرُ حوليَ البياناتِ الحماسيّةَ.. والصُّدَاعا)
وبعد أن أعودَ في خِتامِ جولتي المسائيّة
أحملُ في مكان رأسي الحقيقيّه:
.. قنّينيةَ الخمرِ الزُجاجيّه!
شعر ..أمل دنقل
قصيدة..فقرات من كتاب الموت

 مشاهد من مساء الثلاثاء 20/8 وحتى صباح الأربعاء..
4:00مساء / شاشة التلفاز :
صور ضحايا رفح مقيدين ومسجاة أجسادهم ، ثم أهليهم الثكالى ، ثم صور قتلى كرداسة ، ثم غيرهم ، وفي الشاشات الأخرى صور قتلى الإخوان ومؤيديهم وجثامينهم ، واشتعال النيران .
                                        *****
4:45 مساء / شاشة التلفاز :
إلهام شاهين إلى جانب وزير الثقافة في مؤتمر صحفي ، تتحدث عن تجربتها في حكم الإخوان ودورها كشرارة لبداية الاحتجاج الشعبي .
7:00 مساء / الاستقبال والطوارئ :
امرأة ، 65سنة ، مريضة بارتفاع ضغط الدم ، ألم بالصدر منذ عدة ساعات ، رسم القلب يشير إلى جلطة بالجدار السفلي للقلب . هروع نحو العناية المركزة ، ثم بدء العلاج لإذابة الجلطة والسيطرة على الوضع .
                                 *****
 مساء / العناية المركزة :
ضغط الدم يقل . ضربات القلب تتباطأ ما يشي بتوقف مرور النبضات الكهربية للقلب (Heart Block). نعطيها دواء وننتظر النتيجة ، ثم ثانيا فثالثا لكن لا جدوى . نأخذ برأي استشاري القلب والعناية ، لكن الوضع لا يتحسن . يبدو أنه لا مفر من جهاز منظم ضربات القلب .
                                  *****
8:30 مساء / العناية :
الجهاز غير موجود في المستشفى أو في المدينة الصغيرة كلها . لا مفر من تحويل الحالة خارج المدينة إذن . يجري ابن المريضة الاتصال بالإسعاف فيقول إن بإمكانه الذهاب إلى مكان واحد فقط بصرف النظر إن كان سيقبل الحالة أم لا . نتصل بالمستشفى الحكومي الذي تحول إليه الحالات في عاصمة المحافظة فيرد بعدم وجود أماكن في العناية المركزة .
                                *****
9:00 مساء :
نلجأ للاتصال بطوارئ وزارة الصحة (الجهة الملزمة بإرشادنا إلى أقرب مكان شاغر للعناية المركزة ) يرد الخط الساخن حتى الوصول إلى الموظف المختص . يعطي ابن المريضة البيانات ، ثم بعد أسئلة كثيرة وشرح مطول مني لطبيعة الحالة يقول إن سيبحث الأماكن المتاحة ويتصل بنا .
                              *****
9:20 مساء :
نعاود الاتصال بطوارئ الوزارة فيقول إنه مايزال يبحث .
                              *****
9:45 مساء / شاشة العناية المركزة :
ضربات القلب لا تكاد تتحسن رغم إعادة المحاولات بالأدوية . الطبيب الاستشاري يفحص الحالة وينتهي إلى أن لا مفر من استخدام المنظم .
                          ******
10:10 مساء / شاشة الهاتف :
أبحث في الانترنت عن أرقام هواتف مستشفيات خاصة في عاصمة المحافظة يمكن لهذه الإمكانات أن تتوافر لديها . نتصل بالأولى فترد بعدم وجود الجهاز . ثم الثانية فتعتذر لعدم وجود أسرة عناية شاغرة .
                             *****
10:30 مساء / شاشة التلفاز :
توفيق عكاشة وفاصل طويل من السباب والمعايرة لأبو تريكة على طريقة نسوة الحواري ، لسبب لا أعلمه .

                           *****
11:00 مساء :
لا شيء يحدث .
                          *****
11:45 مساء / شاشة التلفاز :
توفيق عكاشة مرتديا نظارته  يتلو آيات من القرآن الكريم ، لسبب لا أعلمه .
                         *****
12:15 صباحا :
يصبح لا مفر من الدعاء .
                          *****
3:00 صباحا :
تنفرج الأزمة أخيرا . لا عن طريق طوارئ الوزارة ولا هيئة الإسعاف ولا البحث المتوالي ، لكن المدير الطبي بالشركة التي يعمل بها الابن يبلغه بأخذ المريضة إلى المركز الطبي العالمي على أن تتحمل الشركة التكاليف مبدئيا .
                      *****
5:00 صباحا
ثلاثة أو أربعة أشخاص في سيارة ، أراهم على مسافة قريبة وسط الصحراء الواسعة ، ثم يندفع رجال ملثمون نحوهم وتطلق من أسلحتهم النيران ، وحين تبدأ محاولتهم الهرب ، يوقظني رنين الهاتف ، ويدعوني للنزول إلى الطوارئ .
                    *****
7:20 صباحا / شاشة التلفاز :
صفوت حجازي يظهر مقبوضا عليه في شعر مصبوغ ولحية ضئيلة مشذبة .
                          *****
8:30 صباحا / شاشة التلفاز :
صور قتلى رفح مقيدين ومسجاة أجسادهم ، وقتلى كرداسة ، وغيرهم وغيرهم ، وعلى الشاشات الأخري صور قتلى الإخوان ومؤيديهم وجثامينهم ...واشتعال النيران .

٢٩‏/٦‏/٢٠١٣

قبل 30 يونيو

يوم جديد
هذا أنا .. عمري ورق ؟
حلمي ورق ؟ 
طفل صغير في جحيم الموجِ
حاصره الغرق .
شعر ..فاروق جويدة 
قصيدة وديوان ..لو أننا لم نفترق

فعل الإخوان المسلمون كل شيء يدفع بالناس دفعا للميادين في 30 يونيو . لم يتركوا بديلا سوى إسقاطهم ، ولا توجد أية بادرة أمل في تحسين مسارهم أو استماعهم لصوت العقل . آخرها خطاب الرئيس البائس والمزري . في عام واحد فقط حاقت أخطار بالبلاد لم تعرفها من قبل  ، وأصبح استمرارهم كارثة يصعب النجاة من عواقبها على من سيأتي من خلفهم : حدود مستباحة في سيناء ، وتهديد خطير لمنابع النيل في إثيوبيا ، ومقتل شيعة بشكل بشع على يد سنة متطرفين . هل رحيل الإخوان سهل ؟ بالقطع لا . لكنني أتصوره أسهل من رحيل مبارك . صحيح أن هناك من يناصرون التيار الاسلامي على الارض ويرون في الإخوان ممثلين لحكم الله أو حتى يرتاعون من حكم الليبراليين (الكفار) المحتمل . لكن الإخوان لم يبقوا في سدة الحكم 30 عاما . لا يملكون شرطة مبارك ولا القوات المسلحة ستتدخل لحمايتهم . رحيل مبارك نفسه كسر حاجز خوف عظيما ظل يعلو لسنوات . تلك الهالة المحيطة بالرئيس والخوف من مجرد ذكر اسمه بنقد ، ووحش أمن الدولة الرابض ..كل ذلك انتهى إلى الأبد . السؤال هو : هل يريد الشعب فعلا إسقاط الاخوان ؟ هل ما يزال لديه الحماس لذلك ؟ هل مايزال يملك الصبر ويرضى ببذل تضحيات جديدة ؟ العامان الفائتان كانا منهكين حقا . عدد لا بأس به سقط في اليأس والإحباط والكفر بكل شيء . كما أن أسباب العثرة الأولى ما تزال دون حل : لا قيادة يلتف حولها الشعب ، ولا بديل واضح بعد سقوط الاخوان . حسنا : سقط مرسي وأجريت انتخابات مبكرة . من الآتي؟  شفيق ؟ مرشح إسلامي آخر ؟ حكم عسكري جديد ؟ لا يوجد قبول لأي من هذه الخيارات ، ولا استعداد لدى أحد للصبر عليها . الشعب هنا ليس النشطاء وجبهة الإنقاذ ومؤيديها لكنه جموع الناس غير المسيسة .
إذا أصر الشعب على رحيل الإخوان سيرحلون . لن تساندهم شرطة أو جيش وسيترك كثير من مؤيديهم المعركة إن وجدوها خاسرة ، ولن تتورع قياداتهم عن الهرب والنجاة بأنفسهم . لكن إلى أي مدى يصل الإصرار ؟

أنزل غدا : لا أملك اندفاع يناير 2011 وجذوته البكر ، ولا إصرار الهتاف ضد حكم العسكر والحلم برئيس شرعي منتخب ، ولا يحركني الأمل في مصير أفضل . أنزل لأنه ببساطة ليس هناك اختيار آخر .