٢٦‏/١‏/٢٠١٠

فارق التوقيت


يوم جديد

وقف الخلق ينظرون جميعا

كيف أبني قواعد المجد وحدي

شعر..حافظ إبراهيم

قصيدة..مصر تتحدث عن نفسها

الأمانة تجعلني أنبهك ، وأنشر الخبر بقدر ما أستطيع ، فإذا كنت تنوي أن تكون واحدا من سكان (برج خليفة) الذي افتتح مؤخرا في (دبي) كأعلى مبنى على وجه هذه الأرض - فيجب أن تعرف بالفتوى التي صدرت وتناقلتها وسائل الإعلام ، بأن سكان الأدوار العليا سوف يتأخر إفطارهم -في حالات الصيام- عن الأدوار المنخفضة مدة قد تصل إلى دقيقة ، وذلك لفروق التوقيت !
هل أدهشك الخبر الذي وصفته المذيعة بالطريف ؟ لكنني أضيف لك الآن أن فروق درجات الحرارة قد يصل إلى عشر درجات كاملة ، ولذلك فإني أنصحك - من باب الأخوة - بأن تتمهل قبل اختيار الدور الذي تسكنه ، وأن تقف مع نفسك وتسألها بصدق : أي فصول السنة تفضل ؟
هل أنت أكثر دهشة الآن ؟ أنا أيضا كنت مثلك وأنا أشاهد الاحتفال بافتتاح البرج ، والألعاب النارية التي انطلقت من جوانبه فيما يشبه أفلام (هوليود) . الذين زاروا الإمارات انبهروا . يقولون إن (دبي) قطعة من أوربا في رقيها ونظافتها وأناقة مبانيها . (دبي) تفعل كل ما في وسعها لتصبح في قلب العالم – أعني الغرب المتقدم - لا تكتفي بجذب استثماراته ، بل تحيط نفسها دائما بالأضواء لتجذب عيونه وتأتي به عندها : أضخم أبراج العالم ، الجزيرة التي تنشأ على شكل نخلة نائمة ، ثم الكثير من الصخب والاحتفالات والمهرجانات التي لا تتوقف .
أنظر إلى الإمارات وأندهش ، لكنني أظن أن هذا وحده لا يصنع الحضارة ، فلا يمكن أن تصنع دولة كبرى إلا بفكرة البناء الراسخ الأركان ، يقوم على قواعد علمية ، وقواعد صناعية ، وقواعد بناء الدولة على أسس ديمقراطية تساوي بين الأفراد وتحفظ حرياتهم ، ولا أعرف إن كانت الإمارات تسير في هذا الطريق أم لا .
أفكر الآن في أهرام الجيزة ، أتحقق من فكرة بعد الرؤية ، والبناء الراسخ ، والقواعد التي ترمي بجذورها في أعماق الأرض ، لتبقى شاهدة على منجزات حضارة القدماء آلافا من السنوات .
فلا يكفي أن يشتري إماراتيون أندية عالمية دون أن تتطور الرياضة في الإمارات ، ولا أن تقيم مهرجانات سينمائية صاخبة ولا تشارك فيها بأفلام ، أو أن تدعو مشاهير لاعبي التنس ، ومحترفي سباقات السيارات ولا تجد إماراتيا واحدا بين المشاركين .
ما يبدو لي ، أن الإمارات لديها الرغبة في أن تفعل شيئا ، وهي نقطة البداية ، ولديها الأموال التي يمكن أن تساعدها على فعله ، والسنوات القادمة ستكشف عما إن كانت ستستغل هذه الفرصة أم تضيعها .
تمنيت بعد هذا الافتتاح أن أرى صورة لأهرام الجيزة في هذه الليلة ، لكن كم كانت الشاشة قاسية ، وهي بعد ليلة واحدة فقط تنقل دفتها إلى الإسكندرية ، وتأتي بمواطنين مصريين ، يصرخون ويستغيثون ، ويتمسكون كالغرقى بجدران البناية التي لا يجدون مأوى غيرها ، أمام البلدوزرات التي أتت لهدمها ، بعد أن رأت المحافظة أن البناية ذات الاثنين وعشرين طابقا صارت آيلة للسقوط في أي وقت .
أفكر الآن في البحر الأحمر ، يبدو كالبرزخ الذي يفصل بين عالمين مختلفين تماما ، أدرك أيضا أن فارق التوقيت أصبح كبيرا جدا .