٣١‏/٧‏/٢٠٠٩

اندهش ..لو مازلت تستطيع

يوم جديد
أنا تاج العلاء في مفرق الشر
ق ودراته فرائد عقدي

شعر..حافظ ابراهيم
قصيدة..مصر تتحدث عن نفسها

(1)

موظف يمتنع عن سداد ايجار شقته البالغ 150 جنيها لمدة سنة ، فيرفع المالك دعوى قضائية ، وتقضي المحكمة بتغريم المستأجر مليارين و376 مليون جنيه .

ما فات ليس قصة لمسلسل كوميدي سيعرض في رمضان ، ولا شيئا مما يكتب في باب (صدق أو لا تصدق ) لكنه واقعة حقيقية حدثت في محكمة شمال القاهرة الابتدائية قبل أسبوعين ، ونشرتها الأهرام في صفحتها الأولى ، معقبة أن السبب هو ثغرة قانونية ، وأن هناك عشرات الحالات المماثلة .

(2)

وفي ختام العرض الباهر والمهيب ، أنشد الجميع "صوت بلادي بيدوي عبر الأجيال " . وعلى وقع نشيد الجيش ، وتحت رايات النصر ، أقسم الضباط يمين الولاء واختتموا عرضهم الرائع بنشيد " الله معاك ومعاك قلوبنا..وانت الشراع في بحرنا ..الله معاك ..انت قائدنا..انت زعيمنا..انت أملنا كلنا ..وانت الشراع في بحرنا .

يا مبارك يا حبيب الشعب "

ما فات ليس جزءا من موضوع تعبير في دفتر تلميذ متوسط المستوي بالمرحلة الثانوية ، ولا مسابقة من تلك التي تطالعها في التلفاز تطلب اسم صاحب الأغنية لتحصل على جائزة ، ولكنه ختام لمقال عن حفل تخرج طلاب الكلية الحربية ، كتبه في عموده رئيس تحرير الأهرام ( كبرى صحف الشرق الأوسط ) .

(3)

أعمل وزميلي في أحد المصانع الايطالية في حمل الكراتين مقابل أجر يومي يبلغ 70 يورو . وهو مايساوي مرتبي الشهري في مصر . نحن سعداء بالعمل في ايطاليا فهي دولة تحترم ادمية الانسان .

ما فات لم يكن على لسان أحد المهاجرين غير الشرعيين الى سواحل ايطاليا عبر مراكب الموت ، لكنه لبطل رفع الأثقال المصري جابر فرحان الذي حصل على ميداليتين في دورة ألعاب البحر المتوسط ، ثم كسر وزميله حسونة السيد حافظة رئيس البعثة المصرية وأخذا جوازي سفرهما ، وهربا للعمل في أحد المصانع . يكمل البطل المصري :

لست نادما . العمل في أوربا أفضل بكثير من أصبح بطلا رياضيا في مصر . ما فائدة أن أحصل على ميدالية ولا يتحسن مستواي المعيشي ؟ ماذا ستستفيد عائلتي اذا دخلت عليها بميدالية دون أن تترجم الى استفادة مادية ؟

(4)

بعد مداولات وشد وجذب بين الطرفين ، تم تخفيض المبلغ المطلوب من 6ملايين الى 800 ألف دولار . لكن المتفاوضين قرروا في النهاية أن ينسحبوا ويرفعوا أيديهم عن الصفقة . ولا تزال الأمور متجمدة منذ مارس الماضي وحتى اليوم .

مافات لم يكن عن لاعب كرة يتصارع عليه الأهلي والزمالك في موسم الانتقالات . لكنه عن حياة الصيادين المصريين الذين شاء حظهم العاثر أن يختطفهم قراصنة صوماليون . وقد قررت وزارة الخارجية المصرية ألا تدفع الفدية ، غير عابئة باستغاثة الصيادين وذويهم . وبدأ الأهالي في جمع التبرعات والتي تسير بمعدل يصل بها الى المبلغ المطلوب خلال سنة . ويبقى الكل في انتظار أن يصيب الخاطفين الملل فيطلقوا سراح الصيادين أو تحدث معجزة ويتدخل رجل أعمال ويدفع المبلغ كما يحدث في صفقات الكرة .

١٥‏/٧‏/٢٠٠٩

نجمة الغرفة الخاوية

يوم جديد
لا تتبعيني كفاني خطو مبتئس ٍ
أو تسبقيني كفاني نأي مبتعد ﹺ

شعر..فاروق شوشة
قصيدة..كلاسيكية
ديوان..لغة من دم العاشقين

كنت في حال غريبة من الصفاء ، لا أعرف ﺇن كان سببها نفحات النسيم الباردة التي أتى بها الليل بعد نهار قائظ ، أم لأن عجلة الايام بدأت تسرع الدوران ، وصورة الجرح تبتعد ، وصرت أستطيع أن أرى الأمر كله بشكل أهدأ وأعقل . سيطرت عليّ رغبة في الحكي ، في أن ألقي بكل شيء بين يدي صديقي المقرب ، لا طلبا لرأي أو مشورة فالأمر قد قضي بالفعل ، لكن لأستعيد ما جرى وأنظر ﺇليه مكتملا منذ بدايته الأولى وحتى النهاية . من أين أبدأ ؟ ليكن منذ أن هاتفني مديري وطلب أن أذهب ﺇلى أحد الفنادق برفقة (رياض) – مسئول شركة الدعاية واﻹعلان التي نتعامل معها – كي نقابلها . علا سليمان ؟ الممثلة ؟! سألته وأنا غير مصدق . حسدني مازحا على هذه السهرة ، وقال – وسط ضحكه - ﺇنه لولا السفر لما فوت فرصة كهذه . نبهني ألا يأخذني جمالها فأقبل بشروطها في العقد وأن العمل هو العمل . أغلقت الهاتف ولم يزل ذهولي . ثم عدت بالذاكرة قليلا ، فتذكرت أحاديث جرت في أروقة الشركة عن النية في حملة ﺇعلانية ضخمة يقوم بها نجم أو نجمة من المشاهير . طرح اسمها ضمن آخرين وأخريات . لكن أن يتم الاتفاق معها ، وأن أقوم أنا بذلك ، فهو شيء لم يخطر لي على بال . شيء أقرب ﺇلى حلم ، أو بمعنى أصح تحقيق حلم قائم منذ سنوات . أظن هنا البداية الحقيقية . حين شاهدتها لأول مرة في فيلم تؤدي دورا صغيرا لا يتعدى ثلاثة مشاهد . أخذني وجهها منذ اللحظة الأولى . احتل الصورة بأكملها . بحثت عن اسمها في التتر . قرأته في مقال الناقد مشيرا ﺇليها بالوجه الجديد المبشر . بعد ذلك شاهدتها في مسلسل تلفزيوني ، وفيلم آخر . ليست مجرد فتاة جميلة . شيء غريب كان يشدني نحوها ويشعرني بالسعادة ما أن أراها . لمع نجمها سريعا . بعد سنتين صارت بطلة . أول مرة رأيت فيها ﺇعلان الفيلم في الشوارع وصورتها تزينه كنت في طريقي ﺇلى الشركة . أخبروني أنني نجحت واخترت للوظيفة من بين المتقدمين ، وأن ما انتظرته طويلا قد تحقق . قلت يومها ﺇننا مرتبطان . فكرت أننا سوف نجتمع يوما ، لكن هذا لم يقلل من دهشتي حين حدث بالفعل !
لا أذكر ما حدث بعد مكالمة مديري . لابد أنني ارتديت بذلتي .. تعطرت ..فكرت ..فرحت..ارتبكت..لا أذكر ﺇلا وأنا أراها عن بعد ، جالسة تداعب طفلة صغيرة مع والدتها وتكتب لها شيئا . شعور غريب أن ترى على الطبيعة ما اعتدت أن تراه في الصور أو على الشاشة . كأنك تعرفه ولا تعرفه . صافحتها وتمتمت بعبارة ترحيب وجلسنا . بادر رياض بكلام مجامل لبق ، وأنا صامت . حتى ذوبت هي الجليد بكلامها العفوي وابتسامتها العذبة فكأنني أعرفها منذ سنوات . كأنني ؟! ألا أعرفها بالفعل ؟ كيف وصورتها جوار فراشي هي آخر ما أراه قبل النوم ، وأول ما أفتح عيني عليه في الصباح ؟ لا يؤنسني سواها منذ أن صرت أعيش وحدي تاركا أهلي في بلدتنا . رافقتني في أمسيات الفراغ والأرق . ملأت مخيلتي في ليالي تأجج الرغبة وفورة الجسد . هونت عليّ تسلط الأوامر ودسائس الزملاء . كنت أنظر ﺇليها ، وأغمض عيني وأذهب بخيالي بعيدا عن كل شيء . بعد هذا اللقاء بدأت الاتصالات واللقاءات تتوالى ، والحديث يخرج عن نطاق العمل ، ويمتد لنتحدث عنها وعن نفسي وعن كل شيء آخر . كلمتها عن الفيلم الأول . قلت ﺇنني توقعت نجوميتها من خلاله . اندهشتﹾ أنني أتذكر دورها فيه . حدثتني عن حبها للنوم الطويل ، عن عدم هنائها به في ساعات العمل ، عن عشقها للسفر والرحلات . لم أقل لها ﺇنني لا أحب السفر . تركتها تسترسل مستمتعا بألفة رأيتها في عينيها تجاهي . قضينا يومين رائعين في الغردقة في تصوير اﻹعلان الأول . لأول مرة شاهدتها من خلف الكاميرا . كان شيئا غريبا . ﺇضاءة .. عمال في كل مكان ..لقطات تؤديها وتعيدها مرات بنفس الطريقة ..حين سألتﹾ عن رأيي قلت ﺇنها رائعة . أضفت بابتسامة أن الفستان لو كان أكثر احتشاما لكان أجمل . ضحكتﹾ . صرنا نلتقي كلما سنحت لها فرصة . كنت أضيق بالناس الذين يطلبون توقيعها ويأخذون معها الصور . طوال عمري أكره أن أكون محطا للأنظار . أصبحت محطا للحسد أيضا . مع هذا فقد كنت حتى هذا الوقت سعيدا ، سعيدا جدا . لكن لا شيء يدوم . متى حدث التغير ؟ لا أعرف بالتحديد . أظنه بدأ عندما قرأتﹸ خبرا في مجلة عن علاقة تجمع النجمة الشهيرة بشخص من خارج الوسط الفني ، شوهدا معا في عدة أماكن عامة . أغضبني الخبر مع أنه حقيقي . صرت أشرد وهي تتكلم. أستثقل الوقت . أتلفت حولي . أرى هؤلاء المعجبين يقتسمون الوقت الضئيل الذي تقضيه معي ، ويأخذون أكثر من نصيبي . أتى صوتها عبر الهاتف بعد غياب أيام . بادرتها : أين أنت ؟ قالت : في فرنسا . هتفتﹸ: ما أبعدك ! كانت تحضر مهرجانا يعرض فيه فيلمها . عادت ﺇليّ بساعة أنيقة . أرتني عقدا وقرطا اشترتهما من بيت مجوهرات شهير هناك . تذكرت حليّ أمي - رحمها الله - التي باعتها من أجلي لأستكمل ثمن شقتي . قرطها الذهبي الذي اشترته من الصائغ المقابل لبيتنا ، ومازلت أحتفظ به في خزانتي . تساءلتﹸ : أي بيت يمكنه أن يجمع هؤلاء معا ؟ قالت ﺇن فوارق المال لا تعني لها شيئا . أجبت بأن الأمور لا تتوقف عليها وحدها. بدأت أشعر بانعدام الوزن . حاولت أن أستعيد هدوء تفكيري دون ضغوط . أتجاهل اتصالاتها . أحدثها في آخر اليوم باقتضاب وأتعلل بضغط العمل . أفتح التلفاز لأجدها . يهمس البطل في أذنها . تضحك . يطوقها . يقبلها . أحترق . تتوالى المشاهد . الكاميرا تتبع تفاصيل جسدها ببطء ، والرداء يكشف عن فتنة تأسر العيون . أتخيل كل هذه العيون تحدق فيها . أتخيلها تلتقي بعيني . أغلق التلفاز . صحيح أنها نادرا ما تؤدي أدوار ﺇغراء ، لكن دورا واحدا ..مشهدا واحدا سوف يبقى ويعاد عرضه ﺇلى الأبد . تشعر بتباعدي . تأخذها كرامة الأنثى فتبتعد . أو هي كبرياء النجمة ربما . مجرد نظرة ﺇلى وجهها كانت تعيدني . . صرنا نقترب ونبتعد كالمتأرجحين . قررتﹾ أن تحسم الأمور ، أن نعلن ارتباطنا رسميا . ضربتﹾ موعدا أعطيها فيه ردي الأخير . فكرتﹸ. ترددتﹸ . في داخلي صوت يقول : لن تجد سعادتك . آخر يصرخ : كيف يسعى ﺇليك حلمك فتدير له ظهرك ؟ ارتديت ثيابي . ثم جلست ولم أغادر البيت . دق جرس الهاتف . رأيت رقمها مرارا ولم أرد . سكت . مرت بضعة أيام من الصمت ، ثم اتصلت بها واعتذرت . قلت ﺇننا لن نجد سعادتنا معا . أبلغت مديري أن يكلف غيري بأمر اﻹعلانات .
سكتّ . نطق صديقي أخيرا :
-شيء غريب . كلنا نحب النجوم . لكن أن تكون في السماء فهو مخيف جدا . مجرد النظر ﺇلى الأرض يصيبك بالدوار .
-الأغرب أنني عدت أحلم بها كما كنت في السابق . أنسى مع تخيلها كل شيء . حتى أنني أعدت الصورة ﺇلى مكانها بجوار الفراش .
-لماذا ؟
-لا أدري ..لكن الغرفة في وجودها أجمل .