٣١‏/٥‏/٢٠٠٨

بلد بتاعة شعارات صحيح!

يوم جديد
اذا خسرنا الحرب لا غرابه
لاننا ندخلها
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه
لاننا ندخلها
بمنطق الطبلة والربابه
شعر..نزار قباني
قصيدة..هوامش على دفتر النكسة
ورث النظام الحاكم في مصر فيما ورثه عن ثورة يوليو ، أسلوب الحكم بالشعارات الكبيرة والكلمات الرنانة ، تلك التي تتكرر وتتكرر من قبل رجال النظام واعلامه ويصورونها على أنها منهج الحكم واساس ادارة الدولة ؛ مع انها في الواقع ليس لها وجود فعلي بل احيانا لم يكن لها أي معنى من الاصل..فقد شاعت منذ بداية الثورة مجموعة من العبارات على شاكلة:
العهد البائد..وهو اشارة الى مصر ما قبل الثورة التي يجب ان تمحى تماما -من وجهة نظر الثوار - لتبدأ دولة جديدة- من الصفر طبعا-لاحظ ان فكرة العهد البائد والبداية من الصفر لا تزال متاصلة حتى الان!
تحالف قوى الشعب العاملة..ولم يقل احد كيف تتحالف هذه القوى وما جدوى هذا التحالف؟
ناهيك عن العبارات التي كانت تلهب مشاعر الجماهير من نوعية سوف نلقي باسرائيل في البحر..وان الوطن العربي الكبير سوف يقف في وجه قوى الاستعمار الغربية وسوف يستعيد امجاده العظيمة!
اما الاّن فنحن نعيش وسط حفنة جديدة من الشعارات مثل :
مصر لا يحكمها الا سلطان القانون ..رغم ان الكثير من احكام القضاء المصري لا تنفذ ورغم ان مصر بها محاكم عسكرية يدخلها مدنيون واحكامها غير قابلة للنقض!!
لقد قطعنا شوطا كبيرا في ممارسة الديمقراطية..وهي جملة ليس لها اي معنى الا ان يكون هذا الشوط قد قطعت راسه !!
نحن ننحاز لمحدودي الدخل..ربما لهذا السبب يزداد عدد محدودي الدخل حتى تنحاز الدولة لنسبة اكبر من الشعب !!
ثم دعاية الحزب الحاكم التي تعتمد على الفكر الجديد والانطلاقة الثانية نحو المستقبل ..لكن السؤال الذي لم أصل الى اجابته حتى الاّن متى كانت الانطلاقة الاولى؟!

٢٤‏/٥‏/٢٠٠٨

وجه خاطف في الزحام

يوم جديد
لمﹶلمﹾ تعلمني السباحةﹶ
في البحارﹾ
لمﹶ لمﹾ تعلمني الحياةﹶ
بغير شمس أو نهارﹾ
والصبرﹸ..ياللصبر
حلم زائفﹼ
وهم يعذبنا
ومأوى..كالدمارﹾ

شعر..فاروق جويدة
قصيدة..السفر في الليالي المظلمة
ديوان..للأشواق عودة
أخرجني من شرودي بسؤاله :
*أليس هذا الأستاذ حلمى ؟
نظرت من شرفة السيارة حيث أشار نحو الرصيف عن اليمين ثم نظرت في المرﺁة غير أنني لم أره ..
*لن تراه اﻵن فقد تجاوزناه ..سأصف السيارة لأنزل اليه .
- من هو الأستاذ حلمي هذا ؟
*الأستاذ حلمي مدرس الرسم الذي كنت أتعلم لديه في المركز الثقافي بالدقي ..حين كنا في المرحلة الثانوية ..لقد جئت معي ذات مرة ألا تذكره ؟
- تريدني أن أتذكر رجلا رأيته مرة منذ عشر سنوات !
*احدى عشرة سنة .
- هذا أدعى لكي أتذكره ! المهم ..ماذا تريد منه اﻵن ؟
*سأسلّم عليه وحسب ..أفتقده كثيرا .
كي نجد مكانا شاغرا لترك السيارة تحركنا بها مسافة أدركت طولها حين عدناها سيرا على الأقدام ، ولما وصلنا الى المكان سألته:
- هل رأيته هنا ؟
*نعم ..لا أعرف أين ذهب !
قلت واجما :
- ربما استقل مواصلة أو ذهب الى أي مكان..
ثم أضفت بعد لحظة كان فيها صامتا :
-ربما من رأيته لم يكن هو من الأصل وكان أحدا يشبهه .
*لا ، أنا واثق أنه هو الأستاذ حلمي ..ربما دخل أحد المحال ..
قلت بضيق :
-لكننا بهذا سنتأخر على العمل ..
*لا تقلق ..هي دقائق معدودة .
أثار انتباهي حماسه وطريقته الطفولية في التشبث ، منذ فترة طويلة –ربما سنوات- لم أره بهذا الحماس لشيء ما ..اعتدت على (طارق ) ضجرا من كل شيء وميالا للصمت والشرود . أمام واجهات المحال وقفنا، وبدأ هو يتطلع داخلها من خلال الزجاج بحثا عن الرجل حتى جذبته من أمام أحدها وأنا أضحك :
-لا يمكن أن يكون هنا
*لماذا ؟
-لأنه متجر لملابس النساء !
كان هناك مقهى جال طارق بعينيه في الجالسين على مقاعده المواجهة للشارع ثم دخل وهو يقول :
- قد يكون في الداخل .
ثم عاد بعد دقيقة وهو ينظر اليّ بخيبة أمل وينظر اليه النادل باستياء ..أخيرا أقر بالواقع وراح أثناء عودتنا للسيارة يحدثني عن الرجل ويقول انه اقتنع بموهبته وذهب معه ليقنع والده الذي لم يكن متحمسا للأمر خشية أن يؤثر على دراسته ..
*عندما كنت أمسك بالفرشاة وأشرع في الرسم..لا أقول انني كنت دائما أشعر بالسعادة فكثيرا ما ضقت بلون أسأت اختياره أو فكرة لم تخرج بالصورة التي كنت أتخيلها ..لكن..لا أعرف كيف أصف لك ..لم يكن الوقت ثقيلا بهذا الشكل ولا كانت الهموم تحاصر يومي دون سبب..
كنت أسمعه باهتمام الى أن قطع حديثه فجأة وقال وهو يشير الى الجهة الأخرى من الطريق :
*ها هو !
في لمح البصر كان قد عبر الشارع الى الجزيرة الوسطى ثم عطله الزحام قليلا حتى عبر الى الجانب اﻵخر وأنا من خلفه أهرول حتى أمسكت بكتفه :
- أين هو ؟
*أظنه دخل الى السوق من هناك ..
قالها وهو يكمل سيره – أو ركضه – فصحت :
- واذن ؟ تريدنا أن نفتش السوق كلها بحثا عن هذا الرجل ؟
لم يرد عليّ فأضفت :
-الساعة جاوزت التاسعة ..ماذا يجبرنا على سماع كلمات سخيفة لا داعي لها من رئيس القسم ونحن بعد في أول اليوم ..يجب أن نذهب اﻵن .
*لن أذهب الى أي مكان قبل أن أجده ..قل لي أنت ماذا سيحدث لو غبت عن العمل اليوم ؟ سأغيب عن ختم الأوراق والتأكد من التمغات ؟ سيغيب توقيعي الكريم عن دفتر الحضور والانصراف ؟ سيخصم يوم من راتبي ؟ الراتب أصلا لا يكفيني عشرة أيام ماذا يضير لو نقص منه شيء ؟
نظرت له صامتا ثم قلت بعد زفرة طويلة :
-وماذا سيحدث ان وجدت هذا الرجل ؟
*لا أعرف لكنني بحاجة اليه .
ثم أكمل بعد لحظة :
*صدقني لن يشعر أحد بغيابي كما لا يشعرون بوجودي ..اذهب أنت ان شئت ..هاك مفاتيح السيارة.
قلت وأنا أرد يده :
-ماذا كان يرتدي الأستاذ حلمي هذا ؟
***
كما توقعت ..كان البحث عن رجل بسترة رمادية و(بنطال أسود على الأغلب) كما قال (طارق ) وسط الناس الذين يروحون ويجيئون في السوق كالنمل – فكرة ساذجة وفاشلة ..قال وعلى وجهه أمارات الخيبة :
*لا أعرف أين ذهب !
-هل رأيت ملامحه بوضوح ؟ أقصد أن المسافة كانت بعيدة وربما ..
قاطعني :
*قلت لك أنا واثق من هويته ..أشعر أنه قريب ..هذا الرجل لم يكن فقط يعلمني الفن بل كان لي أبا وصديقا ..كنت أزوره في المركز من حين ﻵخر خاصة حين أكون مهموما .. لكن منذ 4 سنوات عرفت أنه ترك المركز وعاد الى الاسماعيلية حيث كان يسكن من قبل ..
- لا بأس ..
قلتها ثم سرنا قليلا دون هدف حتى قال (طارق):
*قد يكون في هذه المكتبة ..هو مولع بالقراءة.
دفعنا الباب وبادر هو الشاب الجالس خلف مكتب بالسؤال :
*لو سمحت ..هل أتى اليك رجل يرتدي سترة رمادية وبنطالا ..أسود ؟
فظهر على الشاب بعض التعجب ثم أجاب بعد أن أطرق قليلا :
- يجوز ..لا أنتبه عادة لما يرتدي الزبائن .
* هو رجل في أواخر الأربعينات .. متوسط الطول ويميل الى البدانة ويرتدي نظارة طبية ذات سلسلة ..
-تقصد الأستاذ حلمي سعيد ؟
*نعم ..هل تعرفه ؟
- الأستاذ حلمي زبون قديم يأتي الينا كلما جاء الى القاهرة وقد كان هنا وغادر منذ نحو ربع ساعة .
*أنا أعرفه منذ زمن وأبحث عنه منذ عاد الى الاسماعيلية ..هل تعرف أين ذهب ؟
-في الحقيقة ..لا أعرف.
*اذن هل تعرف رقم هاتفه ؟
هز الشاب رأسه نفيا فسألته :
-ولا عنوانه بالاسماعيلية ؟
- للأسف لا .. لكنه قال انه سيذهب الليلة الى أحد المعارض الفنية .
شكرته وانصرفنا وسألت صديقي ونحن نتجاوز المكان :
-هل تعرف أي معارض تقام هذه الأيام ؟
رد وهو يهز رأسه أسفا :
*لم أعد أتابع المعارض الفنية منذ فترة بعيدة .
قلت – وقد أصبحت متحمسا لا أدري أكان ذلك مشاركة لصديقي المقرب أم رغبة داخلي في التعرف على الأستاذ حلمي لكن شعرت أن حال طارق قد يختلف كليا ان وجدناه - :
-لكنه ليس صعبا علينا أن نعرف ..وعموما فقد عرفنا المكتبة التي يتردد عليها وسوف تهدينا اليه ..

٩‏/٥‏/٢٠٠٨

حافلة

يوم جديد
تسائلني : من أنت؟ وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر ؟
فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى
قتيلك قالت أيهم فهم كثر
شعر..أبي فراس الحمداني

عندما وصلت الى الموقف كانت التذاكر قد نفدت ، ورغم أنني وصلت قبل الموعد بما يزيد على ربع ساعة الا أن ذلك لم يفلح مع الزحام الشديد للمسافرين الى المدينة القريبة ، لعنت سوء حظي ولم أجد مفرﴽ من الركوب واقفا ؛ لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك فبين حين وآخر كانت الحافلة تتوقف في الطريق لتأخذ عددا من الركاب وتأتي الموجة الجديدة لأندفع على إثرها مع بقية الوقوف الى الخلف أو الى الأمام حتى استقر بي الحال بعد احدى الموجات واقفا – أو شبه واقف - في وسط الحافلة أجد بالكاد مكانا لقدميّ وبينما كنت أكتم زفراتي الحانقة والمتعبة وصلت الىّ من خلفي كلمات بصوت أنثوي رفيع ومرتفع بعض الشيء لفتاة قدّرت أنها في العشرين أو تقاربها تقول:
- كان مهندسا مدنيا .
ردت عليها أخرى بصوت هادئ :
* هل هو من أقاربكم ؟
- لا . هو من أصدقاء زوج (سلوى) ابنة خالتي ، رﺁني في زفافهما وأعجب بي وتحدث مع أبي بشأن الزواج .
* وبعد ؟
- لا شيء ..رفضت ، لا أريد أن أتزوج اﻵن ..أكمل دراستي أولا .
* لكنك كنت قد حدثتني مرة عن ضابط شرطة تقدم لطلب يدك ..
- نعم ..كان رائدا ..كان اسمه (مجدي عزت)
(ثم ندّ عنها صوت كأنه ضحكة مكتومة قبل أن تكمل)
ساق الى والدتى كل معارفنا كي أوافق عليه وحاولت هي وأبي كثيرا جدا أن يقنعاني بالموافقة..
* ولماذا أصررت على الرفض؟ هل كرهت منه شيئا ؟
- في الحقيقة كان حسن المظهر ووسيما وتبدو عليه النعمة وطيب الأصل ..لكنني كما قلت لك لا أتعجل الأمر ..ثم انني أستحق من هو أفضل .
***
أردت أن أستدير لأرى هذه الجميلة التي يطاردها الخطّاب لكن الحاجز المنيع من الركاب لم يمكننى من الرؤية فحاولت أن أتحرك للخلف قليلا فنظر لى الرجل الواقف الى جانبي باستياء- ويبدو أنني دست على قدمه- وقال :
الى أين تريد أن تذهب ؟
قلت بحرج :لا شيء
ثم أتى مدّ ﺁخر دفعني الى الأمام قليلا فغابت عني بقية الحديث ، ووقفت في ضجر لدقيقة حتى سمعت رنين هاتف محمول وبدأ أحد الركاب يتحدث:
- الحمد لله ..كيف الحال .. هل استيقظ من النوم ؟ ..وتناول طعامه أم لا ؟ .. ذهبت الى المدير وطلبت القرض ووعد أنه سيبذل ما بوسعه لكن الاجراءات تأخذ وقتا ..نعم قدمت له طلب الاجازة وأعطيتهم شهادة المستشفى .. قال لي ناظر المدرسة ان بوسعه أداء الامتحانات في المستشفى ولكن لا أظنه يكون قد تعافى من العملية ..صحيح يقوم سالما وليكن ما يكون ..أعطني اياه
( ثم أكمل بصوت أكثر رقة )
كيف حالك يا حبيبي اليوم ؟..أنا في الطريق اليك وسأحضر لك القطار الذي طلبته ..كن هادئا ولا تغضب أمك ..مع السلامة .
***
بدأ الأمر يستهويني وجعلني أتشاغل عن ألم الوقوف الطويل وملل الانتظار ، وبعد موجة جديدة وجدت نفسي في انتظار حوار جديد ولم يطل انتظاري كثيرا..
- صاحبك يغلي اﻵن .
قالها صوت غليظ لرجل يبدو في الثلاثينيات وأجابه صوت عميق لرجل آخر :
* عماد ؟ ماذا حدث له ؟
- طلبه المدير وخرج من غرفته شاحب الوجه كالأموات ..يبدو أنه أسمعه ما لم يسمع في حياته.
* ولماذا ؟
- المدير ثائر منذ أن سحبت شركة الملابس تعاقدها مع مصنعنا بعد أن تأخرنا في توريد طلبيتها .
* لكن التأخير لم يكن بسببه ، بل بسبب اﻹضراب الذي قام به العمال .
- أليس رئيس القسم ؟ هو اذن المسئول عن عماله .
ثم أضاف :
- لو أن هناك عدلا لكنت أنا رئيس القسم منذ زمن ..لكنك لم تسأل من الذي حرض العمال على الاضراب ..
( ثم سمعت صوت ضحك عال )
***
عندما وصلنا كان همي وأنا أغادر الحافلة أن أتفرس في ركابها لأتعرف هؤلاء الذين سمعت حكاياتهم ، بدأت أبحث أولا عن ذلك الرجل الناقم على زميله في العمل وعن رفيقه ، هل هو ذلك الأسمر البدين الذي يرتدي قميصا أبيض وسروالا أزرق ؟ أم هو ذو اللحية الصغيرة والشارب ونظارة الشمس ؟ هل هو واحد من هذين ؟
الأشقر الذي يحمل بيده حقيبة أم ذو الوجه القمحي المستدير والنظارة الطبية ؟ ما بالهم لا يتكلمون فلا أقدر أن أتعرف عليه من صوته ! فلأبحث اذن عن الرجل ذي الابن المريض ..واتتني رغبة في أن أصافحه وأتمنى لولده السلامة ..أيكون ذلك النحيل بالبذلة السوداء ؟ يبدو على وجهه الهم .. أم أنه الملتحي ذو السترة الداكنة والقميص الرمادي؟ لا تخلو ملامحه من الهم أيضا .. ما هذه الحيرة! فجأة لاحت لي فكرة وجدتها أفضل من كل ذلك ..أن أبحث عن الفتاة الجميلة ، درت بعيني بين الركاب الذين نزلوا من الحافلة وأشحت بوجهي عن المرأة العجوز التي تحمل حقيبة سوداء ، وجدت جماعة من أربع فتيات يحملن كتبا وأوراقا عرفت منها أنهن جامعيات ..هل تكون احداهن ؟ هل هي ذات الحجاب الرمادي والرداء الأسود الطويل ؟ أم البدينة ذات السروال الأسود والسترة الزرقاء ؟ ثمة فتاتان أخريان تتأبط كل منهما ذراع الأخرى ..عندما رأيتهن جميعا زادت خيبة أملي ..اذ لم تكن أي منهن جميلة ..

٣‏/٥‏/٢٠٠٨

الفيس بوك فيه سم قاتل !

يوم جديد
أبانا الذي في المباحث
نحن رعاياك
باق لك الجبروت
وباق لنا السكوت
وباق لمن تحرس الرهبوت
تفردت وحدك باليسر
ان اليمين لفي الخسر
أما اليسار لفي العسر
الاالذين يماشون
الا الذين يعيشون يحشون
بالصحف المشتراة العيون فيعشون
الا الذين يشون
والا الذين يوشّون
ياقات قمصانهم برباط السكوت!
شعر..أمل دنقل
ديوان..العهد الاّتى
قال لي مرة أحد معارفي – وهو من المعارضين للحكومة وناصري التيار الديني - :
" ان صحف الحكومة هي ما يجب أن تسمى بالصحف الصفراء " وقلت انه يبالغ – وكان الكلام قبل تغيير القيادات الصحفية أي لم يكن أسامة سرايا وممتاز القط ومحمد على ابراهيم بعد رؤساء للتحرير – لكنني تذكرت ما قاله مع مشاعر الاحتقار الى حد الاشمئزاز التي أصابتني وأنا أقرأ التحقيق الذي نشرته أهرام الجمعة تحت عنوان :
(عندما يتحول "الفيس بوك" الى تشويه للوطن ..مصر التي لا يعرفونها)
في مقدمة التحقيق كتب الصحفي عاطف حزين أن الشباب الذين نظموا الاضراب في 6 أبريل ودعوا لاضراب 4 مايو وسماهم (شراذم الفيس بوك) – يطلقون ألسنة الأفاعي السامة لتلطخ مصر باللون الأسود القاتم حتى أحالوا الوطن الى خرابة تنعق فيها البوم والغربان – كأن كل مايحدث في مصر لم يلطخها بعد بالسواد- بعدها يسلمنا الى رأي د. رفعت السعيد الذي يصفه بأنه واحد من العلماء المعروفين بمواقفهم الحادة من الدولة – لا أدعي معرفة وافية بالرجل لكنني أعرف أنه رئيس حزب التجمع المعارض الذي لا يعارض أحدا ولا يفعل شيئا وأنه ضيف دائم في (البيت بيتك) وبرامج التلفاز الرسمي يهاجم الاخوان قبل الأكل وبعده ولا يتحدث عن النظام الحاكم ، وأن الرئيس عيّنه في مجلس الشورى- يقول د. رفعت السعيد تحت عنوان : "صدقوني..دول شوية عيال لاسعة " ان الاطار الصحيح للمسألة أن قوى غير منظمة وغير منطقية تصنع أي شيء (يطق في دماغها ) على حد تعبيره ولا يمكن لأحد أن يتجاوب معها ، ثم يؤكد أن الحل هو التعامل العقلاني معهم بحيث يطرح في المقابل الرأي المتمتع بالعقلانية والوعي السياسي – مثل رأيه بالطبع- وهذا يقع على كاهل الاعلام والصحف القومية – وهي تؤدي واجبها على الوجه الأمثل - ..
بعدها يستطلع المحرر رأي الشيخ يوسف البدري – الرجل المشهور بدعاواه القضائية على المثقفين وآخرها على الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي – يقول الشيخ:
"هذا يسمى في الاسلام الخروج السلمي على الحاكم ومن ثم لا يقره الشرع بل يقف ضده فلنفرض أن مريضا يحتاج الى جراحة هل نتركه يموت " لا أعرف كيف أعلق على هذا الكلام الساذج والسخيف ، ثم يضيف أن توبة اسراء عبد الفتاح عودة الى الحق والدين الصحيح لأن ذلك يبعد عنها الفتنة ويحفظ عرضها وشرفها – فصحيح الدين في نظره أن تصمت أما أن تحتج وتطالب بحقك في حياة آدمية ممن يحكمونك فهذا ليس من الدين في شيء –..
يورد المحرر- مشكورا- حوارا مع عبير سليمان التي سماها نجمة نجوم الفيس بوك ليضفي كلامها شيئا من المنطق على التحقيق البائس ثم يورد نصا كتبه هشام الطوخي –أحد الناشطين- يهنئ فيه يهود العرب بعيد الفصح مذكرا بما فعله يهود مصر من منجزات في النصف الأول من القرن العشرين – ويعلق عليه المحرر قائلا :" بدلا من أن ينشغل بحال مصر بعث ببرقية تهنئة الى الاسرائيليين بمناسبة عيد الفصح ، في الوقت الذي يقتلون فيه ويذبحون نساء وأطفال فلسطين " في نفس اليوم نشرت (المصري اليوم) خبرا في صدر صفحتها الأولى عن بدء تدفق الغاز المصري الى اسرائيل –التي تقتل النساء والأطفال- !
يقول نجيب محفوظ في كتاب (أصداء السيرة الذاتية)
" قال الشيخ عبد ربه التائه: استدعاني المأمور يوما وقال لي :
- كلماتك تدفع الناس الى التمرد فحذار.
فقلت له : أسفى على من يطالبه واجبه بالدفاع عن اللصوص ومطاردة الشرفاء" ..