٢٤‏/١٢‏/٢٠٠٧

القبض على الرئيس

يوم جديد
أتلاشى في الخيط الواهن
ما بين شروع الخنجر والرقبة
ما بين القدم العارية وبين الصحراء الملتهبة
ما بين الطلقة والعصفور !
شعر00أمل دنقل

استيقظ من نومه في الثامنة كالمعتاد00لكن ما كل هذا الارهاق الذي يشعر به اليوم!00كان الأمس يوما حافلا00جلسة ثنائية مع الرئيس الماليزي صباحا ثم اجتماع مع رئيس الوزراء ظهرا وخطاب مسائي في مؤتمر الحزب00كم أيام مرت وهو في هذا العناء المتواصل!00تلمع الفكرة في ذهنه فجأة ،كانت تلح عليه من حين لاّخر لكنه يطردها عن ذهنه مندهشا ومستبعدا00معقول؟!0نهض من الفراش ليبدأ يومه كالمعتاد لكن الفكرة لا تزال تلح عليه00كان الضجر قد استبد به وأغراه أن يفعل شيئا جديدا اليوم 00شيئا فشيئا وجد السؤال في ذهنه يتغير: لم لا؟!00لذة طفولية اجتاحته ومنحته نشاطا مفاجئا فأسرع يبدل ثيابه في فرح لكن مهلا00الثياب المعتادة لا تصلح اليوم!00فكر قليلا ثم ترك السترة وربطة العنق واكتفى بالقميص والسروال ثم وضع فوق عينيه نظارة سوداء كبيرة تخفي أغلب ملامح وجهه00سنوات طويلة مرت دون أن أقود سيارتي واسير في الطريق مثل سائر الناس00لا سائق ولا حرس جمهوريا ولا سيارات مصفحة00أذهب الى أحد المطاعم لأتناول افطاري ثم أمشي في الشارع أتنسم الهواء00كم سنة مرت دون أن أسير في طريق؟!00كان يعلم أن الأمر ليس سهلا وأن عقبات عدة تنتظره في طريقه أولها اللواء المسئول عن أمنه00
صمت الرجل لحظات وقد اتسعت عيناه من فرط الدهشة لما سمعه من الرئيس00ظل يسأله عن الأسباب التي دفعته لاتخاذ مثل هذا القرار (المفاجئ والخطير)على حد قوله00ورغم اقتناعه بمبررات الرئيس -أو هكذا قال-الا أنه رفض الأمر رفضا قاطعا :
سيادة الرئيس00ان الأمر كله مخاطرة كبيرة00تخرج من دون حراسة 00وتمشي في طرق مزدحمة وغير مؤمنة00سيادتك تعرف المتطرفين والحاقدين وأعداء البلاد00ثم ان قيادتك للسيارة نفسها مخاطرة00ماذا لو لو وقع لسيادتك حادث أو أصابك مكروه-لا قدّر الله-؟
ظل يجادل الرئيس مستميتا أمام عناده وتشبثه برأيه الا أن الأخير أنهى المناقشة حين لوح للوائه بأنه رئيس الجمهورية وصاحب الكلمة التي لا ترد فما كان من الرجل الا أن استسلم وأعطى الرئيس مفاتيح سيارته الخاصة-بناء على طلبه-ثم أجرى اتصالاته ببقية أفراد الحراسة المحيطين بالقصر حتى تمر سيارة الرئيس0
جلس في السيارة وأحس بشيء من الغربة في جلسته خلف عجلة القيادة00أدار المحرك ثم بدأ يتحرك ببطء ويزيد من سرعته تدريجيا00دقائق ظل يمشيها ما بين الطرق المغلقة المؤدية الى قصر الرئاسة غير عابئ بنظات الدهشة التي حاول أفراد الأمن اخفاءها دون جدوى وما أن اجتاز البوابة الأخيرة حتى شعر أنه خرج الى النور أخيرا00تسارعت ضربات قلبه وهو يدخل الى الطريق الرئيسي الواسع وأحس البهجة وهو يمر بين السيارات وينظر في وجوه الراكبين مطمئنا أن أحدا لم يتعرف عليه00لكن فجأة توقفت سيارة أمامه فانحرف بشكل عنيف وضغط المكابح بخشونة قدم لم تعتد القيادة لسنوات طويلة00حينها سمع صوت صراخ عجلات السيالرة السوداء من خلفه وهي تتوقف بسرعة أمام حركته المفاجئة00أيها الأحمق ! عاجله صراخ قائدها فشعر أول ما شعر بدهشة شلت كل تفكيره00ثم استعاد وعيه ونظر في اتجاه الرجل عازما على الفتك به00لكنه فكر أنه بذلك سوف يفسد خطته ويتعرض لمشكلة كبيرة فتوقف قائلا لنفسه أنه ربما يكون ارتكب خطأ ما00كانت السيارات من حوله متوقفة لسبب لا يعرفه00نظر لراكبي السيارات عن يمينه وشماله فاذا الوجوم يكسو وجوههم جميعا وتحاشى النظر الى الرجل الذي سبه00مرت الدقائق اثر بعضها ولا جديد يحدث00تناثرت الى سمعه بضع كلمات من حوار بين قائد احدي السيارات والراكب الى جواره :
يبدو أن أحدا منهم يمر الاّن0
أصبحت الشمس قاسية خصوصا أنه لا هواء يدخل مع توقف السيارة فتح مكيف الهواء وأغلق الزجاج ثم فتح المذياع :
التقى أمس سيادة الرئيس مع نظيره الماليزي في اطار المباحثات الثنائية000
لكنه تحول الى محطة أخرى بسرعة00لم يكن يعنيه الخبر في شيء وقد صنعه بنفسه بالأمس ثم ان اليوم اجازة فقط00وجد في المحطة الأخرى أغنية قديمة يحبها00رفع الصوت واسترخى في مقعده اّخذا أنفاسا بطيئة وعميقة00انتهت الأغنية وبدأت أخرى00بدأ يتململ في جلسته 00فتح النافذة فلفحه عادم السيارة البيضاء القديمة الواقفة أمامه00فعاد يغلق النافذة مسرعا ومتأففا00أف ما كل هذا الانتظار !تسرب الملل اليه وحدثته نفسه أنه ربما أخطأ في ما فكر فيه وعادت الى ذهنه تحذيرات اللواء لتزيد الأمر سوءا00لكنه طرد الأفكار من رأسه في النهاية 00كيف لمن لا يتراجع عن أخطر القرارات ولا يعبأ بمن حوله ولا بمعارضيه أن يتراجع عن قرار تافه كهذا؟ ثم أخذه الزهو حين وجد السيارات تعود للحركة من جديد قائلا لنفسه: لم يكن الا وقوفا عارضا فحسب00
سار بالسيارة لعشر دقائق ثم فكر أن ينعطف الى أحد الشوارع الجانبية حتى يتخفف من الزحام 00كانت لحظات صعبة وهو يمر بالكاد بسيارته العريضة ما بين الرصيف والسيارات المتراصة أمام العمارات السكنية وحين كان يتسلق قمم المطبات الصناعية أو الطبيعية-التي تكونت عرضا من سوء رصف الشارع- وقرر أن يعود للطريق الرئيسي مرة أخرى 00لحظات وعاد التوقف من جديد00أية سخافة !لماذا يتوقف السير بهذا الشكل المزعج ؟ 00شرد بذهنه فيما سيحدث بعد نهاية هذه المغامرة 00ترى كيف سيكون رد فعل زوجته حين ويخبرها بما فعل ؟ ربما تتهمه بالتهور أو حتى بالجنون لكنها بالتأكيد سوف تحن كثيرا الى هذه المتعة التي فقدتها معه كل هذه السنوات وقد تطلب منه أن يصحبها في مرة قادمة 00ابتس لهذا الخاطر وأفاق على أبواق السيارات من خلفه تطالبه بالتحرك بعد أن فتح الطريق00زاد الكل من سرعته تعويضا لفترة التوقف لكنه ما كاد يفعل حتى ظهرت له فجأة عربة يجرها حمار تسير عكس الاتجاه00لحظة واحدة لا يذكر فيها الا أنه انحرف بالسيارة بأقصى سرعة ثم توقف على اصطدامه بسيارة أجرة أمامه00نزل السائق ليرى مصباح سيارته الخلفي الأيسر قد تهشم والخزانة الخلفية قد أتلفت بشكل كبيرفصرخ في وجه الرئيس الذي كان في حال من القنوط والسخط والارتباك:
حرام عليك !ماذا فعلت بالسيارة ؟ أنا لم أسدد أقساطها بعد !
الرئيس :ليست غلطتي كان عليّ أن أتفادى العربة (في هذه اللحظة كانت العربة تكمل طريقها كأن شيئا لم يكن دون اكتراث من صاحبها أو حماره بالأمر00)
السائق :وأنا ما ذنبي ؟ ألأنك من (الباشوات ) الكبار وتركب سيارة فارهة تدوس على الناس ؟
المشهد الذي بدأ باثنين :الرئيس والسائق سرعان ما امتلأ بحشد من المارة وراكبي السيارات المجاورة 00أدلى كل واحد -من رأى الحادث ومن لم ير شيئا - بدلوه في الأمر 00نصح أحدهم الرئيس بان يعطي السائق ثمن اصلاح السيارة بينما لم يخل الأمر من بعض لحكم المأثورة عن أن الحوادث ضريبة على كل سائق أن يدفعها وأن الحمد لله أنهما لم يصابا بسوء 00لم يفلح كل ذلك في أن يهدئ من ثورة السائق الذي لم يكف عن العويل :حسبي اللّه ونعم الوكيل00ولا من توتر الرئيس00فجأة بدأت الحلقة تتراجع مفسحة الطريق لضابط شرطة بصحبة رجل مرور00بدأ الضابط يستفسر عما حدث ثم التفت للرئيس وقال له بلهجة جافة :أرني رخصك لو سمحت
بهت الرئيس ثم عاد للسيارة وظل يفتش حتى عثر على رخصة السيارة فأعطاها للضابط الذي عاد ليسأله عن رخصة القيادة -لم يكن الرئيس قد جدد رخصته منذ ثلاثين عاما!-00صمت الرئيس لحظات ثم قال :
الرخصة 00ليست معي
الضابط : تقود من دون رخصة ! تعال اذن الى القسم!0
هنا بدأت الأمور تأخذ منعطفا خطيرا 00ماذا سيحدث لو ذهب فعلا الى القسم؟00لم يعد بد من أن يكشف عن شخصيته الحقيقية00خلع نظارته السوداء وقال : أنا رئيس الجمهورية0
ران صمت مندهش على الجميع ثم قال السائق بعد لحظات : رئيس الجمهورية ! أنت تمزح أم تظننا مجموعة من الحمقى ؟
الرئيس (بلهجة قوية ):أنا لا أمزح أنا رئيس الجمهورية!0
السائق : وهل رئيس الجمهورية يسير في الطريق مثل الناس ان الشوارع تغلق لساعات اذا كان ذاهبا لمكان ما0
الضابط: ثم ان الرئيس يركب سيارة مصفحة تسير وسط موكب مؤّمن من الحرس الجمهوري0
الرئيس : نعم ولكنني قررت أن أغير نمط حياتي اليومي فخرجت اليوم وحدي دون حراسة 00ألا تعرفون شكلي ؟ألا تميزون صوتي؟
أمسك أحد الواقفين بجريدة وأشار الى صورة الرئيس في صدر صفحتها الأولى قائلا : هل تقصد أنك (هذا)؟مستحيل00هذا جنون!0
قال اّخر بهدوء وبلهجة حكيم : ليس جنونا !بل يريد أن يستغل الشبه بينه وبين الرئيس ويقلد صوته ليخرج من الأزمة
الضابط :هل تعرف عقوبة انتحال شخصية زائفة ؟ وأية شخصية ؟ شخصية الرئيس ! انها قضية أمن دولة ! سوف تذهب الى ما وراء الشمس!0
الرئيس (بعصبية بالغة) :أنا لا أنتحل شخصية أحد 00قلت لك أنا رئيس الجمهورية 00أنت لا تعرف ماذا يمكن أن أفعل بك !0
الضابط : لن تخدعني بهذه الطريقة 00أمامي الى قسم الشرطة0
ثم أمر رجل المرور أن يقتاده الى سيارة الشرطة00

١٧‏/١٢‏/٢٠٠٧

العدو الحميم00فيلم يبحث عن جمهور!0

أسعدني الحظ بأن شاهدت الفيلم الفرنسي (العدو الحميم) الذي فاز بجائزة أحسن فيلم وفاز بطله البرت دوبونتل بجائزة أحسن ممثل ومخرجه فلوران امليو سيري بجائزة أفضل مخرج 00كانت أول مرة أذهب لمشاهدة فيلم في مهرجان السينما00دخلت القاعة فوجدتها خالية حتى من عامل السينما الا من مشاهد وحيد00كان الفيلم يحكي عن الاحتلال الفرنسي للجزائر وتدور أحداثه سنة 1952 حيث يتطوع بطل الفيلم في الجيش الفرنسي ويذهب للجزائر كقائد لاحدى الكتائب00تفجعه مناظر المقابر الجماعية والجثث المتفحمة ويدخل في مشكلات مع بقية القادة والجنود بسبب أخلاقه وانسانيته التي تجعله يرفض التعذيب والامتهان الذي كان يمارس ضد الجزائريين وينقذ غلاما جزائريا من الغرق في بئر فتنشأبينهما علاقة ودية00 كذلك يتعاطف معه الرقيب المجند في كتيبته ويرتبط معه بصداقة00كانت الكتيبة تضم الي جانب الجنود الفرنسيين كلا من (سيد) الجزائري الذي حارب مع الفرنسيين ضد الألمان وفخور بالندبة الغليظة في صدره وبطنه بسبب الحرب 00يكتشف أن أحد الأسرى زامله في هذه الحرب لكنه تحول للمقاومة ،ويتخذ الرقيب قرارا باطلاق سراحه لكن سيد يقتله ويقول انه واحد من المقاومة التي قتلت أسرته00كذلك ضمت الكتيبة (راشد) وهو جزائري يكره المقاومة ويقول انها تأخذ اتاوات من الجزائريين وأنها ذبحت زوجته وأولاده00لكنه يفقد وتتضارب الأقوال عن كونه جاسوسا للمقاومة حتى يجدوه مقتولا00تبدأ المشاهد بذكر اسم المهمة وتوقيتها 00وفي احدى المهام يصاب جندي فيرسله البطل للعلاج لكن المقاومة تفجر السيارة ويستغل الموقف القائد الأعلى للفرنسيين فيقول للجنود :كان بعضكم يتساءل لماذا نحن هنا أظنكم عرفتم الجواب الاّن 00ان دماء زملائكم يجب ألا تضيع هباء00هنا يبدأ سلوك البطل في التحول للنقيض00تبدأ المهمة الكبرى بالقبض على سليمان زعيم المقاومة ويخرج الفرنسيون أهل القرية كلهم من بيوتهم ويقبضون على رجل مسن وابنه الشاب لمجرد وجود سلاح لديهم وجرح في جسد الشاب فشكوا في مساعدتهما للمقاومة 00ثم يحرقون القرية بالكامل00ويعذب البطل الرجل المسن بنفسه حتى يموت بين يديه00ويحاول الغلام الجزائري انقاذ الرجل دون جدوى غير مصدق لما حدث من تغير للقائد الانسان الذي أنقذه ثم يهرب من المعسكر00تسوء حالة البطل وتعاوده الكوابيس التي يرى فيها مجموعة ملثمة تطلق عليه النار كذلك يحاول الرقيب أن ينتحر ويقيد نفسه بالسلاسل الحديدية-كما يفعلون مع الأسرى-00في النهاية يخرج البطل للبحث عن صديقه الرقيب فتأتي مجموعة ملثمة يقودها الغلام الهارب وتطلق عليه الرصاص00ثم يكتب أن الجزائر حصلت على استقلالها سنة 1962 وأن فرنسا اعترفت في التسعينات بما حدث في حربها ضد الجزائر00تبقى بعض الأشياء00
رغم أن الفيلم يخلو من أي دور نسوي ويصور بالكامل في الصحراء ويغلب الظلام والعنف على بعض مشاهده الا أن ذلك لم ينتقص من متعته
0مع نهاية الفيلم لم يتجاوز عدد المشاهدين سبعة أشخاص منهم أربعة أجانب0
التشابه الواضح في مشاهد دفن القتلى في الجانبين توضح اشتراك الكل في معاناة الحرب
0غابت اللغة العربية عن الترجمة-الفيلم مترجم للانجليزية فقط-وعن الموقع الرسمي للمهرجان ثم يتساءل المنظمون عن غياب الجمهور المصري!0

١٠‏/١٢‏/٢٠٠٧

الى أولئك المتشحين بالسواد




يوم جديد


عشت وامتدت حياتي لأرى


في الثرى من كان قبلا في القمم


انهيار المثل العليا وانكار


اّلاء وكفر بالقيم


.................................


واذا انحط زمان لم تجد


عاليا ذا رفعة الا الألم


شعر00ابراهيم ناجي


قصيدة00ظلام


ديوان00الطائر الجريح















لا أعرف بم أعلق على هذه الصورة00مشجعون من أنصار الزمالك يرتدون السواد ويتشحون بقماش أسود حدادا على ما اّل اليه حال ناديهم00لا أعرف كيف أصف هؤلاء وماذا أقول عن مشاعر الحزن النبيلة والحسرة التي لا تأتي الا مع شدة الحب وشدة الألم00كل ما أعرفه أنني لو كنت أدري بالأمر لكنت معهم أفعل مثل ما فعلوا00لأن الزمالك ليس مجرد فريق كرة، ولا مجرد ناد له نشاط اجتماعي او ترفيهي0ولكنه الكيان الذي ظل 96 عاما قيمة وتاريخا وانجازا00هو الملايين الذين أحبوه وشجعوه وفرحوا لانتصاراته وحزنوا لانكساراته وشعروا بلذة الانتماء لألوانه حتى هؤلاء الذين لم يطأ أحدهم أرض النادي قط00أجد أفكاري متناثرة لكنه لم يكن فكرا بل كتلة من المشاعر العميقة والجياشة التي قد لا تعرف لها سببا ولكنك فقط تحس بها00عندما يصل هذا الكيان العظيم الى ما وصل اليه الاّن00عندما يكون النادي العريق مكانا للبلطجة والمجازر وساحة للدماء وتكون أخباره في ساحات النيابة والقضاء00وكلما تحسنت الأمور قليلا عادت الى الأسوأ 00عندما يخرج الفريق من المنافسة على البطولات حتى قبل أن تبدأ00ويخلو تشكيل المنتخب المصري من لاعبي الزمالك بينما يعج النادي بأنصاف لاعبين لم يكن يخطر في بال أحدهم-في الظروف الطبيعية-أن يرتدي القميص الأبيض ويضع شعاره على صدره00 عندما تتعامل مع النادي أضعف الفرق على أنه صيد سهل 00عندما يصوب الرجل المرسوم على شعار النادي سهمه في صدره وصدر محبيه00قلنا كبوة الجواد00لكن الكبوة طالت والجواد لم يعد يقوى على النهوض عجزا ومرضا والمرض يحفر اّثار الضعف والهزال في سائر الجسد00أيها المتشحون بالسواد00لا أعرف ماذا أقول لكم سوى أنني أقدركم وأحترم هذا الشعور النبيل00الانتماء00الذي لا زلتم تحملونه رغم تراجعه الكبير في هذه الأيام00وأقول في النهاية-رغم كل شيء-مع الجماهير البيضاء :الزمالك يمرض ولا يموت0



٢‏/١٢‏/٢٠٠٧

الحمل الثقيل

يوم جديد
فان أمرض فما مرض اصطباري
وان أحمم فما حم اعتزامي
وان أسلم فما ابقى ولكن
سلمت من الحمام الى الحمام
شعر00أبو الطيب المتنبي


بدأت اليوم محاضرات الأمراض الجلدية00كانت المحاضرة-بكسر الضاد-في حوالي العقد السادس من العمر وكانت خفيفة الظل وذات حضور قوي مما جعلني -على غير العادة- منتبها لما تقوله وساعد على ذلك أن أغلب المحاضرة كان مراجعة على أشياء تمت دراستها من قبل مما جعلها مفهومة الى حد كبير-على غير العادة أيضا- لكن أكثر ما لفت نظري اليوم هو توقفها عن الشرح لتتحدث عن أستاذها الراحل الذي تتلمذت على يديه في أمراض الجلد00كانت تتحدث عنه بحب واعتزاز كبيرين :
"كان قدوة لنا في كل شيء00شخصيته 00علمه 00أخلاقه00نظامه00معاملاته00أينما تحرك في المشفى كنا ننجذب نحوه تلقائيا لنستمع اليه ونراقبه ونتعلم منه00كنت أرافقه أينما كان وأحضر كل محاضراته حتى وان طلب اليّ ألا أحضرها00كنت أقف أحيانا لأتأمل حقيبته فيٍسأل بدهشة :ماذا تفعلين؟ فاقول له :أشاهد حقيبتك يا أستاذ00كنت أنبهر بنظامه في ترتيبها ووضعه لكل ما يمكن أن يحتاجه الطبيب00أين هذا من طلاب الدراسات العليا -الاّن-الذين يأتون للامتحان دون الأدوات الضرورية؟00رحمه الله"
كان حديثها عنه شفافا وصادقا حتى انني تأثرت به وشعرت باحترام كبير لها-فقيمة الوفاء وتقدير العطاء ونسب الفضل لأهله تستحق كل تقدير- وشعرت كذلك بحب لهذا الشخص الذي لم يقدّر لي أن أراه00لكن كلامها أعادني الي أفكار تجيء وتذهب عن خاطري كثيرا00ترى أية مشاعر سوف أحملها لهذا المكان بعد أن أغادره؟00هل سأحمل مشاعر طيبة لهذا الأستاذ (الكبير) الذي تجمعنا في انتظاره مع تعليمات مشددة بأهمية الحضور ثم تأخر ساعتين كاملتين ليخبرنا بموعد الامتحان-الذي كنا نعرفه سلفا-ويقول لنا ببساطة :بالتوفيق !0وهل سأحمل أية ذكرى طيبة لهؤلاء الأساتذة الذين كنت أجلس في محاضراتهم شاعرا بكل الملل والسخط أراقب الساعة بين لحظة وأخرى وأستمع لثرثتهم التي لا أخرج منها بشيء؟ ماذا سأحمل لكل هذه العشوائية والفوضي التي تعج بها الكلية وهذه السنوات التي قضيتها في نظام تعليمي عقيم وسقيم لا يعرف الا تكديس كلمات فوق بعضها دون أية محاولة للفهم أو التفكير؟ثم كيف ستكون نظرتي لأجمل سنوات العمر -كما يقولون عن المرحلة الجامعية-وقد عشت جل أيامها ما بين احباط وكاّبة وسخط ؟انني لا أشفق على نفسي مما تعانيه الاّن وحسب ولكن أشفق عليها أيضا من هول هذه المشاعر التي سوف أحملها على عاتقي00