٢٤‏/١٢‏/٢٠٠٧

القبض على الرئيس

يوم جديد
أتلاشى في الخيط الواهن
ما بين شروع الخنجر والرقبة
ما بين القدم العارية وبين الصحراء الملتهبة
ما بين الطلقة والعصفور !
شعر00أمل دنقل

استيقظ من نومه في الثامنة كالمعتاد00لكن ما كل هذا الارهاق الذي يشعر به اليوم!00كان الأمس يوما حافلا00جلسة ثنائية مع الرئيس الماليزي صباحا ثم اجتماع مع رئيس الوزراء ظهرا وخطاب مسائي في مؤتمر الحزب00كم أيام مرت وهو في هذا العناء المتواصل!00تلمع الفكرة في ذهنه فجأة ،كانت تلح عليه من حين لاّخر لكنه يطردها عن ذهنه مندهشا ومستبعدا00معقول؟!0نهض من الفراش ليبدأ يومه كالمعتاد لكن الفكرة لا تزال تلح عليه00كان الضجر قد استبد به وأغراه أن يفعل شيئا جديدا اليوم 00شيئا فشيئا وجد السؤال في ذهنه يتغير: لم لا؟!00لذة طفولية اجتاحته ومنحته نشاطا مفاجئا فأسرع يبدل ثيابه في فرح لكن مهلا00الثياب المعتادة لا تصلح اليوم!00فكر قليلا ثم ترك السترة وربطة العنق واكتفى بالقميص والسروال ثم وضع فوق عينيه نظارة سوداء كبيرة تخفي أغلب ملامح وجهه00سنوات طويلة مرت دون أن أقود سيارتي واسير في الطريق مثل سائر الناس00لا سائق ولا حرس جمهوريا ولا سيارات مصفحة00أذهب الى أحد المطاعم لأتناول افطاري ثم أمشي في الشارع أتنسم الهواء00كم سنة مرت دون أن أسير في طريق؟!00كان يعلم أن الأمر ليس سهلا وأن عقبات عدة تنتظره في طريقه أولها اللواء المسئول عن أمنه00
صمت الرجل لحظات وقد اتسعت عيناه من فرط الدهشة لما سمعه من الرئيس00ظل يسأله عن الأسباب التي دفعته لاتخاذ مثل هذا القرار (المفاجئ والخطير)على حد قوله00ورغم اقتناعه بمبررات الرئيس -أو هكذا قال-الا أنه رفض الأمر رفضا قاطعا :
سيادة الرئيس00ان الأمر كله مخاطرة كبيرة00تخرج من دون حراسة 00وتمشي في طرق مزدحمة وغير مؤمنة00سيادتك تعرف المتطرفين والحاقدين وأعداء البلاد00ثم ان قيادتك للسيارة نفسها مخاطرة00ماذا لو لو وقع لسيادتك حادث أو أصابك مكروه-لا قدّر الله-؟
ظل يجادل الرئيس مستميتا أمام عناده وتشبثه برأيه الا أن الأخير أنهى المناقشة حين لوح للوائه بأنه رئيس الجمهورية وصاحب الكلمة التي لا ترد فما كان من الرجل الا أن استسلم وأعطى الرئيس مفاتيح سيارته الخاصة-بناء على طلبه-ثم أجرى اتصالاته ببقية أفراد الحراسة المحيطين بالقصر حتى تمر سيارة الرئيس0
جلس في السيارة وأحس بشيء من الغربة في جلسته خلف عجلة القيادة00أدار المحرك ثم بدأ يتحرك ببطء ويزيد من سرعته تدريجيا00دقائق ظل يمشيها ما بين الطرق المغلقة المؤدية الى قصر الرئاسة غير عابئ بنظات الدهشة التي حاول أفراد الأمن اخفاءها دون جدوى وما أن اجتاز البوابة الأخيرة حتى شعر أنه خرج الى النور أخيرا00تسارعت ضربات قلبه وهو يدخل الى الطريق الرئيسي الواسع وأحس البهجة وهو يمر بين السيارات وينظر في وجوه الراكبين مطمئنا أن أحدا لم يتعرف عليه00لكن فجأة توقفت سيارة أمامه فانحرف بشكل عنيف وضغط المكابح بخشونة قدم لم تعتد القيادة لسنوات طويلة00حينها سمع صوت صراخ عجلات السيالرة السوداء من خلفه وهي تتوقف بسرعة أمام حركته المفاجئة00أيها الأحمق ! عاجله صراخ قائدها فشعر أول ما شعر بدهشة شلت كل تفكيره00ثم استعاد وعيه ونظر في اتجاه الرجل عازما على الفتك به00لكنه فكر أنه بذلك سوف يفسد خطته ويتعرض لمشكلة كبيرة فتوقف قائلا لنفسه أنه ربما يكون ارتكب خطأ ما00كانت السيارات من حوله متوقفة لسبب لا يعرفه00نظر لراكبي السيارات عن يمينه وشماله فاذا الوجوم يكسو وجوههم جميعا وتحاشى النظر الى الرجل الذي سبه00مرت الدقائق اثر بعضها ولا جديد يحدث00تناثرت الى سمعه بضع كلمات من حوار بين قائد احدي السيارات والراكب الى جواره :
يبدو أن أحدا منهم يمر الاّن0
أصبحت الشمس قاسية خصوصا أنه لا هواء يدخل مع توقف السيارة فتح مكيف الهواء وأغلق الزجاج ثم فتح المذياع :
التقى أمس سيادة الرئيس مع نظيره الماليزي في اطار المباحثات الثنائية000
لكنه تحول الى محطة أخرى بسرعة00لم يكن يعنيه الخبر في شيء وقد صنعه بنفسه بالأمس ثم ان اليوم اجازة فقط00وجد في المحطة الأخرى أغنية قديمة يحبها00رفع الصوت واسترخى في مقعده اّخذا أنفاسا بطيئة وعميقة00انتهت الأغنية وبدأت أخرى00بدأ يتململ في جلسته 00فتح النافذة فلفحه عادم السيارة البيضاء القديمة الواقفة أمامه00فعاد يغلق النافذة مسرعا ومتأففا00أف ما كل هذا الانتظار !تسرب الملل اليه وحدثته نفسه أنه ربما أخطأ في ما فكر فيه وعادت الى ذهنه تحذيرات اللواء لتزيد الأمر سوءا00لكنه طرد الأفكار من رأسه في النهاية 00كيف لمن لا يتراجع عن أخطر القرارات ولا يعبأ بمن حوله ولا بمعارضيه أن يتراجع عن قرار تافه كهذا؟ ثم أخذه الزهو حين وجد السيارات تعود للحركة من جديد قائلا لنفسه: لم يكن الا وقوفا عارضا فحسب00
سار بالسيارة لعشر دقائق ثم فكر أن ينعطف الى أحد الشوارع الجانبية حتى يتخفف من الزحام 00كانت لحظات صعبة وهو يمر بالكاد بسيارته العريضة ما بين الرصيف والسيارات المتراصة أمام العمارات السكنية وحين كان يتسلق قمم المطبات الصناعية أو الطبيعية-التي تكونت عرضا من سوء رصف الشارع- وقرر أن يعود للطريق الرئيسي مرة أخرى 00لحظات وعاد التوقف من جديد00أية سخافة !لماذا يتوقف السير بهذا الشكل المزعج ؟ 00شرد بذهنه فيما سيحدث بعد نهاية هذه المغامرة 00ترى كيف سيكون رد فعل زوجته حين ويخبرها بما فعل ؟ ربما تتهمه بالتهور أو حتى بالجنون لكنها بالتأكيد سوف تحن كثيرا الى هذه المتعة التي فقدتها معه كل هذه السنوات وقد تطلب منه أن يصحبها في مرة قادمة 00ابتس لهذا الخاطر وأفاق على أبواق السيارات من خلفه تطالبه بالتحرك بعد أن فتح الطريق00زاد الكل من سرعته تعويضا لفترة التوقف لكنه ما كاد يفعل حتى ظهرت له فجأة عربة يجرها حمار تسير عكس الاتجاه00لحظة واحدة لا يذكر فيها الا أنه انحرف بالسيارة بأقصى سرعة ثم توقف على اصطدامه بسيارة أجرة أمامه00نزل السائق ليرى مصباح سيارته الخلفي الأيسر قد تهشم والخزانة الخلفية قد أتلفت بشكل كبيرفصرخ في وجه الرئيس الذي كان في حال من القنوط والسخط والارتباك:
حرام عليك !ماذا فعلت بالسيارة ؟ أنا لم أسدد أقساطها بعد !
الرئيس :ليست غلطتي كان عليّ أن أتفادى العربة (في هذه اللحظة كانت العربة تكمل طريقها كأن شيئا لم يكن دون اكتراث من صاحبها أو حماره بالأمر00)
السائق :وأنا ما ذنبي ؟ ألأنك من (الباشوات ) الكبار وتركب سيارة فارهة تدوس على الناس ؟
المشهد الذي بدأ باثنين :الرئيس والسائق سرعان ما امتلأ بحشد من المارة وراكبي السيارات المجاورة 00أدلى كل واحد -من رأى الحادث ومن لم ير شيئا - بدلوه في الأمر 00نصح أحدهم الرئيس بان يعطي السائق ثمن اصلاح السيارة بينما لم يخل الأمر من بعض لحكم المأثورة عن أن الحوادث ضريبة على كل سائق أن يدفعها وأن الحمد لله أنهما لم يصابا بسوء 00لم يفلح كل ذلك في أن يهدئ من ثورة السائق الذي لم يكف عن العويل :حسبي اللّه ونعم الوكيل00ولا من توتر الرئيس00فجأة بدأت الحلقة تتراجع مفسحة الطريق لضابط شرطة بصحبة رجل مرور00بدأ الضابط يستفسر عما حدث ثم التفت للرئيس وقال له بلهجة جافة :أرني رخصك لو سمحت
بهت الرئيس ثم عاد للسيارة وظل يفتش حتى عثر على رخصة السيارة فأعطاها للضابط الذي عاد ليسأله عن رخصة القيادة -لم يكن الرئيس قد جدد رخصته منذ ثلاثين عاما!-00صمت الرئيس لحظات ثم قال :
الرخصة 00ليست معي
الضابط : تقود من دون رخصة ! تعال اذن الى القسم!0
هنا بدأت الأمور تأخذ منعطفا خطيرا 00ماذا سيحدث لو ذهب فعلا الى القسم؟00لم يعد بد من أن يكشف عن شخصيته الحقيقية00خلع نظارته السوداء وقال : أنا رئيس الجمهورية0
ران صمت مندهش على الجميع ثم قال السائق بعد لحظات : رئيس الجمهورية ! أنت تمزح أم تظننا مجموعة من الحمقى ؟
الرئيس (بلهجة قوية ):أنا لا أمزح أنا رئيس الجمهورية!0
السائق : وهل رئيس الجمهورية يسير في الطريق مثل الناس ان الشوارع تغلق لساعات اذا كان ذاهبا لمكان ما0
الضابط: ثم ان الرئيس يركب سيارة مصفحة تسير وسط موكب مؤّمن من الحرس الجمهوري0
الرئيس : نعم ولكنني قررت أن أغير نمط حياتي اليومي فخرجت اليوم وحدي دون حراسة 00ألا تعرفون شكلي ؟ألا تميزون صوتي؟
أمسك أحد الواقفين بجريدة وأشار الى صورة الرئيس في صدر صفحتها الأولى قائلا : هل تقصد أنك (هذا)؟مستحيل00هذا جنون!0
قال اّخر بهدوء وبلهجة حكيم : ليس جنونا !بل يريد أن يستغل الشبه بينه وبين الرئيس ويقلد صوته ليخرج من الأزمة
الضابط :هل تعرف عقوبة انتحال شخصية زائفة ؟ وأية شخصية ؟ شخصية الرئيس ! انها قضية أمن دولة ! سوف تذهب الى ما وراء الشمس!0
الرئيس (بعصبية بالغة) :أنا لا أنتحل شخصية أحد 00قلت لك أنا رئيس الجمهورية 00أنت لا تعرف ماذا يمكن أن أفعل بك !0
الضابط : لن تخدعني بهذه الطريقة 00أمامي الى قسم الشرطة0
ثم أمر رجل المرور أن يقتاده الى سيارة الشرطة00

١٧‏/١٢‏/٢٠٠٧

العدو الحميم00فيلم يبحث عن جمهور!0

أسعدني الحظ بأن شاهدت الفيلم الفرنسي (العدو الحميم) الذي فاز بجائزة أحسن فيلم وفاز بطله البرت دوبونتل بجائزة أحسن ممثل ومخرجه فلوران امليو سيري بجائزة أفضل مخرج 00كانت أول مرة أذهب لمشاهدة فيلم في مهرجان السينما00دخلت القاعة فوجدتها خالية حتى من عامل السينما الا من مشاهد وحيد00كان الفيلم يحكي عن الاحتلال الفرنسي للجزائر وتدور أحداثه سنة 1952 حيث يتطوع بطل الفيلم في الجيش الفرنسي ويذهب للجزائر كقائد لاحدى الكتائب00تفجعه مناظر المقابر الجماعية والجثث المتفحمة ويدخل في مشكلات مع بقية القادة والجنود بسبب أخلاقه وانسانيته التي تجعله يرفض التعذيب والامتهان الذي كان يمارس ضد الجزائريين وينقذ غلاما جزائريا من الغرق في بئر فتنشأبينهما علاقة ودية00 كذلك يتعاطف معه الرقيب المجند في كتيبته ويرتبط معه بصداقة00كانت الكتيبة تضم الي جانب الجنود الفرنسيين كلا من (سيد) الجزائري الذي حارب مع الفرنسيين ضد الألمان وفخور بالندبة الغليظة في صدره وبطنه بسبب الحرب 00يكتشف أن أحد الأسرى زامله في هذه الحرب لكنه تحول للمقاومة ،ويتخذ الرقيب قرارا باطلاق سراحه لكن سيد يقتله ويقول انه واحد من المقاومة التي قتلت أسرته00كذلك ضمت الكتيبة (راشد) وهو جزائري يكره المقاومة ويقول انها تأخذ اتاوات من الجزائريين وأنها ذبحت زوجته وأولاده00لكنه يفقد وتتضارب الأقوال عن كونه جاسوسا للمقاومة حتى يجدوه مقتولا00تبدأ المشاهد بذكر اسم المهمة وتوقيتها 00وفي احدى المهام يصاب جندي فيرسله البطل للعلاج لكن المقاومة تفجر السيارة ويستغل الموقف القائد الأعلى للفرنسيين فيقول للجنود :كان بعضكم يتساءل لماذا نحن هنا أظنكم عرفتم الجواب الاّن 00ان دماء زملائكم يجب ألا تضيع هباء00هنا يبدأ سلوك البطل في التحول للنقيض00تبدأ المهمة الكبرى بالقبض على سليمان زعيم المقاومة ويخرج الفرنسيون أهل القرية كلهم من بيوتهم ويقبضون على رجل مسن وابنه الشاب لمجرد وجود سلاح لديهم وجرح في جسد الشاب فشكوا في مساعدتهما للمقاومة 00ثم يحرقون القرية بالكامل00ويعذب البطل الرجل المسن بنفسه حتى يموت بين يديه00ويحاول الغلام الجزائري انقاذ الرجل دون جدوى غير مصدق لما حدث من تغير للقائد الانسان الذي أنقذه ثم يهرب من المعسكر00تسوء حالة البطل وتعاوده الكوابيس التي يرى فيها مجموعة ملثمة تطلق عليه النار كذلك يحاول الرقيب أن ينتحر ويقيد نفسه بالسلاسل الحديدية-كما يفعلون مع الأسرى-00في النهاية يخرج البطل للبحث عن صديقه الرقيب فتأتي مجموعة ملثمة يقودها الغلام الهارب وتطلق عليه الرصاص00ثم يكتب أن الجزائر حصلت على استقلالها سنة 1962 وأن فرنسا اعترفت في التسعينات بما حدث في حربها ضد الجزائر00تبقى بعض الأشياء00
رغم أن الفيلم يخلو من أي دور نسوي ويصور بالكامل في الصحراء ويغلب الظلام والعنف على بعض مشاهده الا أن ذلك لم ينتقص من متعته
0مع نهاية الفيلم لم يتجاوز عدد المشاهدين سبعة أشخاص منهم أربعة أجانب0
التشابه الواضح في مشاهد دفن القتلى في الجانبين توضح اشتراك الكل في معاناة الحرب
0غابت اللغة العربية عن الترجمة-الفيلم مترجم للانجليزية فقط-وعن الموقع الرسمي للمهرجان ثم يتساءل المنظمون عن غياب الجمهور المصري!0

١٠‏/١٢‏/٢٠٠٧

الى أولئك المتشحين بالسواد




يوم جديد


عشت وامتدت حياتي لأرى


في الثرى من كان قبلا في القمم


انهيار المثل العليا وانكار


اّلاء وكفر بالقيم


.................................


واذا انحط زمان لم تجد


عاليا ذا رفعة الا الألم


شعر00ابراهيم ناجي


قصيدة00ظلام


ديوان00الطائر الجريح















لا أعرف بم أعلق على هذه الصورة00مشجعون من أنصار الزمالك يرتدون السواد ويتشحون بقماش أسود حدادا على ما اّل اليه حال ناديهم00لا أعرف كيف أصف هؤلاء وماذا أقول عن مشاعر الحزن النبيلة والحسرة التي لا تأتي الا مع شدة الحب وشدة الألم00كل ما أعرفه أنني لو كنت أدري بالأمر لكنت معهم أفعل مثل ما فعلوا00لأن الزمالك ليس مجرد فريق كرة، ولا مجرد ناد له نشاط اجتماعي او ترفيهي0ولكنه الكيان الذي ظل 96 عاما قيمة وتاريخا وانجازا00هو الملايين الذين أحبوه وشجعوه وفرحوا لانتصاراته وحزنوا لانكساراته وشعروا بلذة الانتماء لألوانه حتى هؤلاء الذين لم يطأ أحدهم أرض النادي قط00أجد أفكاري متناثرة لكنه لم يكن فكرا بل كتلة من المشاعر العميقة والجياشة التي قد لا تعرف لها سببا ولكنك فقط تحس بها00عندما يصل هذا الكيان العظيم الى ما وصل اليه الاّن00عندما يكون النادي العريق مكانا للبلطجة والمجازر وساحة للدماء وتكون أخباره في ساحات النيابة والقضاء00وكلما تحسنت الأمور قليلا عادت الى الأسوأ 00عندما يخرج الفريق من المنافسة على البطولات حتى قبل أن تبدأ00ويخلو تشكيل المنتخب المصري من لاعبي الزمالك بينما يعج النادي بأنصاف لاعبين لم يكن يخطر في بال أحدهم-في الظروف الطبيعية-أن يرتدي القميص الأبيض ويضع شعاره على صدره00 عندما تتعامل مع النادي أضعف الفرق على أنه صيد سهل 00عندما يصوب الرجل المرسوم على شعار النادي سهمه في صدره وصدر محبيه00قلنا كبوة الجواد00لكن الكبوة طالت والجواد لم يعد يقوى على النهوض عجزا ومرضا والمرض يحفر اّثار الضعف والهزال في سائر الجسد00أيها المتشحون بالسواد00لا أعرف ماذا أقول لكم سوى أنني أقدركم وأحترم هذا الشعور النبيل00الانتماء00الذي لا زلتم تحملونه رغم تراجعه الكبير في هذه الأيام00وأقول في النهاية-رغم كل شيء-مع الجماهير البيضاء :الزمالك يمرض ولا يموت0



٢‏/١٢‏/٢٠٠٧

الحمل الثقيل

يوم جديد
فان أمرض فما مرض اصطباري
وان أحمم فما حم اعتزامي
وان أسلم فما ابقى ولكن
سلمت من الحمام الى الحمام
شعر00أبو الطيب المتنبي


بدأت اليوم محاضرات الأمراض الجلدية00كانت المحاضرة-بكسر الضاد-في حوالي العقد السادس من العمر وكانت خفيفة الظل وذات حضور قوي مما جعلني -على غير العادة- منتبها لما تقوله وساعد على ذلك أن أغلب المحاضرة كان مراجعة على أشياء تمت دراستها من قبل مما جعلها مفهومة الى حد كبير-على غير العادة أيضا- لكن أكثر ما لفت نظري اليوم هو توقفها عن الشرح لتتحدث عن أستاذها الراحل الذي تتلمذت على يديه في أمراض الجلد00كانت تتحدث عنه بحب واعتزاز كبيرين :
"كان قدوة لنا في كل شيء00شخصيته 00علمه 00أخلاقه00نظامه00معاملاته00أينما تحرك في المشفى كنا ننجذب نحوه تلقائيا لنستمع اليه ونراقبه ونتعلم منه00كنت أرافقه أينما كان وأحضر كل محاضراته حتى وان طلب اليّ ألا أحضرها00كنت أقف أحيانا لأتأمل حقيبته فيٍسأل بدهشة :ماذا تفعلين؟ فاقول له :أشاهد حقيبتك يا أستاذ00كنت أنبهر بنظامه في ترتيبها ووضعه لكل ما يمكن أن يحتاجه الطبيب00أين هذا من طلاب الدراسات العليا -الاّن-الذين يأتون للامتحان دون الأدوات الضرورية؟00رحمه الله"
كان حديثها عنه شفافا وصادقا حتى انني تأثرت به وشعرت باحترام كبير لها-فقيمة الوفاء وتقدير العطاء ونسب الفضل لأهله تستحق كل تقدير- وشعرت كذلك بحب لهذا الشخص الذي لم يقدّر لي أن أراه00لكن كلامها أعادني الي أفكار تجيء وتذهب عن خاطري كثيرا00ترى أية مشاعر سوف أحملها لهذا المكان بعد أن أغادره؟00هل سأحمل مشاعر طيبة لهذا الأستاذ (الكبير) الذي تجمعنا في انتظاره مع تعليمات مشددة بأهمية الحضور ثم تأخر ساعتين كاملتين ليخبرنا بموعد الامتحان-الذي كنا نعرفه سلفا-ويقول لنا ببساطة :بالتوفيق !0وهل سأحمل أية ذكرى طيبة لهؤلاء الأساتذة الذين كنت أجلس في محاضراتهم شاعرا بكل الملل والسخط أراقب الساعة بين لحظة وأخرى وأستمع لثرثتهم التي لا أخرج منها بشيء؟ ماذا سأحمل لكل هذه العشوائية والفوضي التي تعج بها الكلية وهذه السنوات التي قضيتها في نظام تعليمي عقيم وسقيم لا يعرف الا تكديس كلمات فوق بعضها دون أية محاولة للفهم أو التفكير؟ثم كيف ستكون نظرتي لأجمل سنوات العمر -كما يقولون عن المرحلة الجامعية-وقد عشت جل أيامها ما بين احباط وكاّبة وسخط ؟انني لا أشفق على نفسي مما تعانيه الاّن وحسب ولكن أشفق عليها أيضا من هول هذه المشاعر التي سوف أحملها على عاتقي00

٢٩‏/١١‏/٢٠٠٧

الرجل في المقهى

يوم جديد

وحدي أنازل ما تبقى

من سنين العمر

في حرب تدوم بلا سلام

شعر00محمد ابراهيم أبو سنة











ما حكاية هذا الرجل؟ كلما ذهبت الى المقهى الذي أرتاده مع أصدقائي وجدته جالسا هناك00كان الأمر عاديا في البداية لكن هذا الوجود الدائم كان ملفتا للنظر00صرت أتندر وأصحابي بالأمر فأقول ان المقهى قد أنشئ فوقه منذ البداية ويقول أحدهم ان لدى الرجل غرفة نوم في الداخل00سألت صاحب المكان عنه ذات مرة فأجاب مبتسما :الأستاذ سعيد ؟يسألني الناس عنه كثيرا00بدأ يأتي الى هنا منذ حوالي عامين00وحده أحيانا وبرفقة صديقه الأستاذ سالم أحيانا أخرى00أحب المكان ويأتي اليه باستمرار00قلت له ضاحكا:لماذا لا تطلقون اسمه على المقهى تكريما له ؟00

.......................................................................................................................................



بدأت ألاحظ الرجل أكثر فأكثر00يبدو بجسده النحيل وشعره الأشيب في الستين أو جاوزها بقليل00يدخن السجائر ويحتسي الشاي00يقرأ الجرائد أو يتابع التلفاز أو ينشغل بالحديث مع صديقه00ماذا كان اسمه ؟-لكنني لاحظت أنه في مرات كثيرة كان يمسك بهاتفه المحمول ويطيل النظر اليه خصوصا اذا كان وحيدا00
.......................................................................................................................................

كان ثاني أيام العيد00سبقت أصدقائي الى المقهى وجلست على الطاولة المجاورة لطاولة الأستاذ سعيد كان وحيدا هذه المرة 00سرعان ما دق هاتفه المحمول فوجدته يرد بصوت متهدج من الانفعال :محمود !كيف حالك يا حبيبي؟ هل يجب أن يأتي العيد كي تسأل عني ؟ أعانك الله يا حبيبي00أنا بخير والحمد لله على كل حال00أفتح المحل صباحا وأجلس مع عمك سالم في المقهى مساء ولا أعود الا للنوم00البيت صعب جدا في غياب أهله00لقد زرت أمك بالأمس وقرأت لها القراّن00لو كانت بيننا لما احتملت فراقك كل هذه الفترة00ألن تأتي في اجازة يامحمود ؟لقد اشتقتك كثيرا000قريبا 00قريبا00لا تزال تكررها وقريبا هذه لا تأتي أبدا00مع السلامة باحبيبي00لا اله الا الله00
......................................................................................................................................
هذا هو ثالث يوم أحضر فيه للمقهى ولا أجده00المكان يفقد الكثير من روحه 00هل يكون قد أصابه مكروه؟سألت أصحابي عنه فلم يعرف أحدهم جوابا لكن تعليقاتهم لم تخل من سخرية معتادة00قلت بشيء من الحدة :الرجل لم يفعل شيئا لنسخر منه0
لم يضف صاحب المقهى جديدا حين قال انه لم يأت منذ بضعة أيام وهو لا يعرف السبب00الأستاذ سالم غير موجود أيضا
كنت أدفع الحساب مستعدا للرحيل بعد أمسية مملة حين وجدته بجسده النحيل وشعره الأشيب يدلف من باب المقهى محييا النادل00اتجهت نحوه وقلت له دون تفكير : لقد افتقدناك كثيرا00حمدا لله على سلامتك00ظهرت الدهشة على ملامحه وارتبك للحظة ثم ما لبث أن رد تحيتي مبتسما وفي عينيه نظرة أحسبها تحمل امتنانا00

١٠‏/١١‏/٢٠٠٧

خلفية المحمول

يوم جديد

يا رياحا ليس يهدا عصفها

نضب الزيت ومصباحي انطفا

وأنا أقتات من وهم عفا

وأفي -العمر-لناس ما وفى

كم تقلبت على خنجره

لا الهوى مال ولا الجفن غفا

واذا القلب على غفرانه

كلما غاربه النصل00عفا

ابراهيم ناجي

قصيدة الأطلال




كان عماد جالسا على مقعده في المدرج بين المحاضرتين عندما دخل صديقه مصطفى وجلس بجواره باسما00

عماد : كيف حالك اليوم ؟

مصطفى : الحمد لله

عماد :لماذا لم تحضر المحاضرة السابقة ؟

مصطفى :في الحقيقة 00وجدت النوم أكثر فائدة !0

ضحك الاثنان ثم قال مصطفى : عماد 00دقيقة واحدة من هاتفك لو سمحت

أخرج عماد هاتفه المحمول من جيبه وناوله لمصطفى فسأله الأخير :انه مغلق هل فرغ شحن البطارية ؟

عماد : لا ولكنني أغلقته بسبب المحاضرة00

أمسك مصطفى بالهاتف وضغط الأزرار ثم التفت الى عماد قائلا : لمن هذه الصورة؟

عماد:انه حاتم السعدى

مصطفى :ومن يكون؟

رد عماد مبتسما :شاعر كبير

مصطفى :ولماذا تضع صورته ؟

عماد :هو من أكثر الناس الذين أحبهم00هل أعيرك ديوانا له؟

رد مصطفى ضاحكا :وهل أقرأ الكتب الدراسية حتى أقرأ شعرا ؟

انهمك مصطفى في اجراء الاتصال لكنه أنهاه باقتضاب اذ رأى المحاضر يدخل من باب المدرج وناول عماد الهاتف00كان المحاضر مدرسا مساعدا في الثلاثينات جاد الملامح ميالا للعبوس 00سرعان ما أمسك بالميكروفون وانهمك في شرح موضوع المحاضرة أو بمعنى أصح في التخلص من الكلمات المحبوسة في جوفه00لم يوقف هذا السيل المنهمر من الثرثرة الا رنين هاتف محمول في وسط المدرج00اتقدت عيناه وأمر بصوت أقرب للصراخ : تعال هنا !0

مزيج من الحرج والضيق اعترى عماد في هذه اللحظة وهو ينهض من مقعده ويمر من بين الطلاب لكي ينفذ الأمر 00(كيف دق هذا الملعون وكنت قد أغلقته عند دخولي للمدرج ؟اّه00مصطفى!) نظر نحو مصطفى معاتبا فرفع الأخير يده معتذرا00

هيا !00صاح المحاضر فأسرع عماد الخطى نحوه حتى وقف أمامه مباشرة00

المحاضر :ألم أحذركم في أول يوم دخلت لكم فيه من فتح الهواتف أثناء محاضرتي؟

هز عماد رأسه وقال :أنا اّسف لكن00

المحاضر :أعطني هذا الهاتف

عماد :والله كنت قد أغلقته لكن00

المحاضر :قلت لك هاته !0

كان المحاضر يصرخ في الميكروفون بصوت يهز المدرج بينما كان عماد بصوته مجردا وزاده الحرج انخفاضا حتى أن أحدا من الطلاب لم يكن يكاد يسمعه00أمسك المحاضر بالهاتف ثم قال :صورة من هذه ؟

عماد :حاتم السعدي

المحاضر :السعدي !0

عماد : الشاعر والكاتب الكبير00

المحاضر :شاعر ! أنت تقرأ الشعر اذن0

عماد : نعم

المحاضر :عظيم عظيم00تترك دراستك من أجل أن تقرأ00خرج الحزن من قوقعة الحياة المتكسرة وصار يسكر حتى وصل الى دروب الانتحار الشاطئي وذاب في عالم من ال00بطيخ00

ضج الحضور بالضحك بينما احتقن وجه عماد وأضاف المحاضر : كلام فارغ

عماد : حاتم السعدي لا يكتب مثل هذا الكلام ثم ان الشعر ليس كلاما فارغا00

لكن المحاضر لا يترك له فرصة : اخرج من المحاضرة

عماد :لكنني اعتذرت عن خطئي وهي المرة الأولى

المحاضر : قلت لك اخرج والا حرمتك الحضور بقية العام00

خرج عماد مستسلما وجلس في ساحة الكلية في ضجر00خرج أصحابه بعد نهاية المحاضرة وتوجهوا نحوه باسمين:

حازم :لا تحزن 00ولكن هل هناك أحد يضع صورة شاعر على هاتفه ؟

طارق : لماذا لم تضع صورة المتنبي ؟

اياد :ضع صورة (الدكتور) وسوف يصفح عنك فورا يضحك الجميع ويبتسم عماد رغما عنه0

جلس عماد في غرفته وأمسك بالهاتف متذكرا ماحدث له بسببه في هذا اليوم00سمع جلبة في خارج الغرفة ميز فيها صوت (الحاج محمود )صديق والده ثم سمع صوت والده يناديه : تعال يا عماد 00عمك محمود هنا

خرج عماد مسرعا وصافح الحاج محمود بحرارة وتبادلا التحية المعتادة00وجعل الحاج محمود يسأله عن أحواله وعن الدراسة ثم فجأة أشار للهاتف في يد عماد قائلا :أرني هاتفك يا عماد لو سمحت0

ما قصة هذا الهاتف اليوم ؟00قالها عماد في نفسه وهو يعطي الهاتف للحاج محمود

الحاج : ولدي (محمد) يريد هاتفا جديدا لكنني لا أعرف أي نوع أشتري أنت تعلم أن00صورة من هذه؟ أظنني رأيته قبل ذلك0

عماد (بابتسامة ): انه حاتم السعدي 00شاعر

الحاج :نعم 00نعم00ولماذا تضع صورة شخص كهذا ؟

عماد :وما به ؟

الحاج :ما به ! يكتب في العشق والفرام والخلاعة وقلة الأدب!0

عماد : حاتم السعدي ليس قليل الأدب وانما00

الحاج :أنت تصلي وتعرف ربك 00ألم تقرأ قوله تعالى :"والشعراء يتبهم الغاوون*ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون "0

لكنه -تعالى-يقول بعدها : "الا الذين اّمنوا0000"0

لكن الأب يقاطعه قائلا :عماد00هل ستعرف أكثر من عمك ؟ أيليق بك أن تناطحه في الكلام بهذا الشكل ؟يبدو أن الكتب التي تضيع نقودك عليها قد أفسدتك00

ذهب عماد في يوم اخر الى الجامعة وقد حذف صورة حاتم السعدي ووضع صورة ابن أخيه الرضيع بدلا0

٥‏/١١‏/٢٠٠٧

نغمة ناقصة

يوم جديد
وحنيني لك يكوي أعظمي
والثواني جمرات في دمي
وأنا مرتقب في موضعي
مرهف السمع لوقع القدم
ابراهيم ناجي
الأطلال

الساعة تقترب من السابعة وموعدي في التاسعة لا يزال 00ساعتان برفقة هذا الشعور المزعج00الانتظار00أسوأ لحظاتي حين أكون منتظرا لشيء ما 00أشعر أن العالم كله متوقف وسحابة من الملل تجثم على عيني وتمنع عنها الرؤية00أعيش هذه اللحظات كثيرا 00الطريق الطويل في انتظار الوصول الى الجامعة 00الوقوف الطويل بسبب الزحام00دخلت الى مقهى قريب للمكان الذي أقصده00كانت أول مرة أدخله فيها وتوسمت أنه سيكون لطيفا00كان تصميم المكان وألوان الجدران تبعث على كثير من البهجة 0 ثمة رجل يجلس وحيدا يتطلع الى حاسب محمول ومجموعة من الشباب والفتيات يتبادلون الكلام والضحك ورجل وامرأة في الجهة الأخرى يتحدثان بهدوء00كان التلفاز مفتوحا على احدى القنوات التي أحبها وفي الخلفية تهدر موسيقا كلاسيكية غربية ناعمة00جعلت أقرأ جريدتي المفضلة التي أحضرتها معي وأنا أحتسي القهوة00ليست القهوة مشروبا كغيره 00اللون البني 00البخار الهائم المتصاعد من أعلى القدح00رائحة البن التي تسبح كما تشاء في الرئتين وتنفذ الى الروح00احساس غامر بمتعة تدوم نكتها ويبقى أثرها لساعات00بين حين واّخر كنت أترك القراءة لأتابع الشاشة أوألتفت نحو مصدر ضحكات عالية تخترق هدوء الموسيقى00لكن الأمر لم يخل من لحظات ملل ونظرالى الساعة00كانت كعكة الشوكولاتة لذيذة جدا00أعشق الشوكولاتة منذ الصغر وان لم أعد أستمتع بها الاّن كما كنت سابقا00ليست الشوكولاتة وحدها على كل حال00وضعت الجريدة جانبا وقمت لاّخذ كتابا من أرفف المكتبة الصغيرة عن يساري00قلبت نظري بين الكتب واخترت مجموعة قصصية00قرأت القصة الأولى فأعجبتني بشدة وخالفت طبيعت في تأمل القصة بعد قراءتها بسبب ضيق الوقت ولأنني مضطر الى ترك الكتاب وشرعت في قراءة التالية00كانت لطيفة وان لم تعجبني كسابقتها00والتفتّ الى الثالثة لكنّ ظلا ارتسم على الطاولة فرفعت رأسي لأجد النادل يقول لي بابتسامة محرجة ويده تشير الى الكتاب : معذرة يا سيدي فهذه المجموعة للبيع ابتسمت ابتسامة صفراء وناولته الكتاب وتجهزت للخروج00
فاجأتني أبواق السيارات الصارخة وتوقف الطريق بسبب شدة الزحام00كانت وجوه الناس في السيارات تشع تعبا الى حد السخط00فكرت للحظة أن أستدير وأعود للمقهى مرة أخرى وشعرت كأنني أسمع الموسيقا الناعمة في أذني اّتية من بعيد00لكن نظرة الى ساعتي حسمت الأمر0

١٨‏/١٠‏/٢٠٠٧

لماذا يحب الأطباء الكتابة ؟






يوم جديد


والناس تسأل والهواجس جمة


طب وشعر كيف يتفقان؟


الشعر مرحمة النفوس وسره


هبة السماء ومنحة الديان


والطب مرحمة الجسوم ونبعه


من ذلك الفيض العليّ الشان


ابراهيم ناجي


ديوان 00في معبد الليل


ليس غريبا أن يهتم طبيب بالكتابة أو أن تكون له ابداعات أدبية في الرواية أو الشعر أو المسرح ، لكن مايثير الانتباه أن عددا غير قليل من النابغين في الكتابة محليا أو عالميا كانوا من الأطباء ، بل وكان كل منهم (علامة فارقة ) في مجاله ، الأمر يعنيني شخصيا لأني أدرس الطب وأحب الكتابة ، أنطون تشيخوف مثلا هو أحد أهم الأدباء في تاريخ الأدب الروسي ان لم يكن الأهم على الاطلاق00أمير القصة القصيرة الذي صوّر الحياة في روسيا في أواخر القرن التاسع عشر بمنتهى البراعة والذي يعتبره الروس واحدا من أسباب نهضتهم رغم النقد الشديد الذي كان يوجهه لمجتمعه00أرثر كونان دويل00الطبيب المغمور الذي ابتكر شخصية شرلوك هولمز المحقق الشهير وكتب سلسلة القصص البوليسية الشهيرة التي لا نزال نقرؤها حتى اليوم والذي حقق نجاحا مدويا وحصل على لقب فارس (سير) 00يوسف ادريس الذي طوّر بشكل كبير في فن القصة القصيرة العربية الى جانب ابداعاته المسرحية00ابراهيم ناجي الشاعر الرومانسي الفذ الذي لم يجد الزمان بمثل من يطاول قامته -في رأيي على الأقل- نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق 00نستطيع أن نقول ان روايات هذين الطبيبين الشابين أثرت في جيل كامل من الشباب تفتّح وعيه من خلال هذه الروايات الصغيرة وبدأ يعرف الأدب من خلالها وهي روايات ذات قيمة حتى وان تجاهلها النقاد00كما أننا نستطيع أن نعتبر نبيل فاروق رائدا فيما يمكن تسميته أدب الجاسوسية00علاء الأسواني طبيب الأسنان الذي أعاد الجمهور -بمعناه الواسع - الى قراءة الرواية بروايتي عمارة يعقوبيان وشيكاجو اللتين حققتا مبيعات قياسية وحصد كاتبهما جوائز عالمية00لكن كل هذا لم يجب على السؤال 00لماذا يحب الأطباء الكتابة ؟


ربما لأنهم يتعاملون يوميا مع أنماط مختلفة من البشر يحدثونهم ويسمعون اليهم ، ربما هذا يمنح خبرة كبيرة بالحياة وقدرة على رسم شخصيات أدبية-هذا من الأسباب التي يقول علاء الأسواني انها دفعته لعدم التخلي عن طب الأسنان-ربما أيضا لأن الطبيب يحتك بالانسان في لحظة شديدة الثراء هي لحظة المرض بكل ما فيها من مشاعر الألم والخوف والترقب والأمل00كل هذه (الطاقة )الشعورية يمكنها أن تفجر الابداع في روح الطبيب -اذا كان يحمل روح فنان-000ربما أيضا لأن كثيرا من الأطباء يكونون على قدر لا بأس به من الثقافة وهم بالتالي قراء للأدب وقريبون من ابداعه00ربما كل ذلك مجتمعا لكن المؤكد أن سلسلة الأطباء الأدباء لا تزال تتواصل وأن السؤال مازال في حاجة الى دراسة أعمق00


ملحوظة : هناك أسماء أخرى من الأطباء الذين اتجهوا للكتابة مثل أحمد زكي أبو شادي وأحمد تيمور في الشعر ولميس جابر كاتبة مسلسل الملك فاروق والقصاص المبدع محمد المخزنجي لكن صفة (العلامة الفارقة )لا تنطبق عليهم00


٣‏/١٠‏/٢٠٠٧

صور مشوهة


يوم جديد

أبيت في غربة لا النفس راضية

بها ولا الملتقى من شيعتي كثب

فلا رفيق تسر النفس طلعته

ولا صديق يرى ما بي فيكتئب

.............................

فهل دفاعي عن ديني وعن وطني

ذنب أدان به ظلما وأغترب؟

شعر00محمود سامي البارودي

قاله في منفاه00

1


خبر في الصفحة الأولى بالأهرام00قصر محمود سامي البارودي يهدم00البارودي من أعمدة الثورة العرابية00تولى الوزارة أيام الثورة وقاوم الانجايز حتى انهزم جيش عرابي ونفي البارودي الى جزيرة سيلان واحتل الانجليز مصر00سائق ميكروباص اشترى القصر من احدى حفيدات البارودي بعشرين مليون جنيه00كان البارودي من أهم الشعراء العرب في العصر الحديث ، كنا ندرس في الثانوية العامة أن صنيع البارودي مع الشعر هو بعث للحياة في جسد ميت00القصر المصنف في سجل المجلس الأعلى للاّثار كأحد القصور ذات القيمة التاريخية هدم في يومين فقط00كان البارودي من أعاد للشعر قوته وجلاله بعد عصور من الضعف والانحطاط00سائق الميكروباص دفع رشوة قدرها ربع مليون جنيه لأحد مهندسي الحي حتى يتمكن من هدم القصر00


2


في سيارة أجرة00كنت راكبا السيارة ضجرا من سوء المقعد ومن تأخري على موعدي00كان صوت المسجّل يعلو بأغنية لا أعرفها لمطرب شعبي لا أعرفه00فجأة وجدت المطرب يغني : هل رأى الحب سكارى 00سكارى مثلنا00كان يغنيها بلحن مغاير لهذا الذي وضعه السنباطي وغنّته أم كلثوم00كان أداؤه أقرب للسكارى فعلا00ظل يرددها ثم أخذته النشوة فأنشأ يشدو بايقاع راقص: ومشينا مشينا00عدونا 00عدونا00مشينا 00مشينا00عدونا00عدونا00



3


في المسجد00أحد أيام رمضان00دخلت لأؤدي الصلاة لكنني بعد أن فرغت منها لم أجد حذائي00بحثت عنه في كل مكان بلا جدوى 00سرق اذن00شعرت بسخط شديد على هذا الشخص الذي وضعني في هذا الموقف السخيف00وباحتقار شديد لمن سوّلت له نفسه أن يسرق من داخل مسجد وفي نهار رمضان00وباشمئزاز حين تخيلت موقفه وهو ينتظر خشوع الناس في الصلاة ووقوفهم بين يدي ربهم حتى يسرقهم بدم بارد00بعدها لم يكن الحزن الذي لازمني لفترة بسبب فقدي لحذاء جديد غالي الثمن00لكنّ حزني كان لهذا الشعور الذي كان ينتابني كلما دخلت مسجدا00قلق وتربص وحرص على أن يكون حذائي ومتعلقاتي أمام عيني00أين هذا من السكينة والاطمئنان الذين كنت أشعر بهما حينما تطأ قدمي أرض المسجد ، والاحتواء والاحتماء الذي يشملني حين أكون في بيت الله00لم يكن مجرد حذاء فقدته بل فقدت ما هو أغلى بكثير00



٣٠‏/٩‏/٢٠٠٧

عند مكتب العميد00في انتظار الأستاذ عادل

يوم جديد
يأسك وصبرك بين ايديك وانت حر
تصبر ما يصبر الحياة راح تمر
أنا دقت من ده ومن ده عجبي لقيت
اليأس مر وبرضك الصبر مر!00
عجبي
من رباعيات صلاح جاهين
بخطوات جادة00قطعت وصديقي الممر الذي يفضي في نهايته الى غرفة العميد، انعطفنا يسارا الى غرفة مدير مكتبه كي نخبر سكرتيرته برغبتنا في مقابلته00لم أكن أرتاح لهذه الفتاة بعد أن اصطدمت بها 4 أو 5 مرات في الأيام السابقة من أجل مقابلة العميد
كانت ردودها في كل مرة تغريني بتحطيم أحد الأشياء التي فوق مكتبها أو كسر هاتفها المحمول الذي لا تكف عن العبث به طوال الوقت
العميد مشغول الاّن00ليس موجودا 00لا أعرف متى يأتي 00تعال غدا00ليست له مواعيد00لماذا تريد مقابلته؟00
انتظروا حتى يخرج الأستاذ عادل من عند العميد00قالتها وأشارت بيدها نحو المقاعد00جلست وصديقي في مقعدين متجاورين00كانت الغرفة تحتوي على مكتبين تجلس الى أحدهما السكرتيرة والاّخر خال ، لفت نظري في الغرفة باقات الورد الكثيرة التي وضعت فوق الخزانة00غالبا أتى بها أصحابها لتهنئة العميد -الجديد- بتوليه العمادة00هناك صورة كبيرة أيضا للعميد السابق وهو يتلقى تكريما ما00جيد أنها لم ترفع مع قدوم العميد الجديد 00كان يجلس قبالتي رجل جاوز الستين على الأغلب00وسيدة تبدو في أواخر الأربعينات00رفعت السكرتيرة سماعة الهاتف وبدأت تتحدث بصوت خافت جدا حتى أنني لم أسمع شيئا مما تقوله رغم أن مقعدا واحدا كان يفصلنا00تشاغلت وصديقي عن الانتظار بحديث قصير تافه ثم قام هو لينظر من الشرفة0 أكثر من شهرين مرا ونحن ندور ما بين مكاتب الوكيل ورئيس القسم والكنترول من أجل الحصول على حقنا في درجات لم تحتسب00لم يعد أمامنا سوى اللجوء للعميد 00
السلام عليكم00رددت تلقائيا ورفعت رأسي نحو القادم 00كان رجلا في أوائل الثلاثينات يحمل أوراقا في يديه ، تحدث الى السكرتيرة فأجابته بمثل ما أجابت علينا00انتظر حتى يخرج الأستاذ عادل00لكنه لم يجد مقعدا شاغرا فوقف ينتظر في الممر00المرة الوحيدة التي تمكنت فيها من مقابلة العميد كانت منذ 3 أيام وهو خارج من مكتبه00استوقفته وعرضت عليه المشكلة فأبدى اهتماما -على غير ما توقعت- وضرب لنا موعد اليوم00وها نحن ننتظر لكن لا شيء مبشرا يلوح في الأفق00الرجل المسن الجالس قبالتي لم يحتمل الانتظار أكثر من ذلك وطلب من السكرتيرة أن يترك لها طلبه كي تعرضه على العميد00وافقت بدون اهتمام يذكر وعادت لتتحدث في الهاتف00لكنها تركته حين أتى صوت من الخارج ينادي :سوزان00أين دكتور سيد ؟00كان صاحب الصوت رجلا في منتصف الخمسينات من العمر00ردت عليه السكرتيرة : لا أعرف لم يأت الى الاّن00دخل الرجل وأخذ أوراقا من المكتب الخالي00هو الموظف الثاني اذن ،وخرج مرة أخرى ثم دخل شاب في العشرينات وتحدث مباشرة الى سوزان00واضح أنه موظف هنا أيضا00ظلا
يثرثران بحديث عن قريبه الذي دخل المستشفى والأطباء الذين ذهب اليهم ثم تشاغلت سوزان بالعبث في هاتفه المحمول بعض الوقت عاد الموظف صاحب المكتب مرة أخرى وقال لسوزان معاتبا : لقد اتصلت بالدكتور سيد ، هل تعرفين أين هو ؟ انه في الداخل مع العميد !00ردت سوزان : معقول ! لم أره عندما دخل! 00تابعت حديثهما وسقط في يدي 00تؤدي عملها باتقان فعلا00
دخل الرجل-الموظف صاحب المكتب- الى مكتب العميد بينما كان الشاب الثلاثيني صاحب الأوراق يعود للغرفة ويقول لسوزان :سوف أعود غدا00ثم أضاف ضاحكا: أتمنى ألا يحال موضوعي الى ما بعد العيد ! 00ها هو اّخر يمضي يائسا00المشكلة أنه لم يعد لديّ خيار سوى اللجوء للعميد في حل مشكلتي وليس في يدي شيء سوى الانتظار00عاد الموظف صاحب المكتب وجلس الى مكتبه 00عاجله الموظف الشاب قائلا : متى نغادر ؟ لقد مللت العمل !00نظر اليه الرجل معاتبا وقال لسوزان : قولي له شيئا يا سوزي00قالت أنا أيضا مللت وأريد المغادرة00رد الموظف الكبير : أنت أيضا ! لم تحضرا الا في الحادية عشرة ! لكنها ردت عليه : لماذا لا تتحدث اليه-أظنها تعني العميد-وتخبره أننا سنغادر ؟ 00نظرت في ساعتي وكانت تشير الى الثانية عشرة الا ربعا 00ان 45 دقيقة من الحديث في الهاتف والعبث بمحمول زميلها تدفع الى التعب فعلا00
خرجت وصديقي من الغرفة ووقفنا في الممر00تحدث بكلمات لم أسمعها الى عاملة النظافة الجالسة أمام باب مكتب العميد مباشرة00ثم وجدته يحدثني والغضب يكسو ملامحه : هل تعرف من هو الأستاذ عادل الذي نحن في انتظاره ؟ أجبت : لا أعرفه 00شخص يجتمع بالعميد 00ماذا يهم في ذلك ؟
انه لا يجتمع به بل هو مدير مكتبه00ونحن ننتظر كل هذا الوقت من أجل أن يأذن لنا -سيادته-بمقابلة العميد !!!0
دهشة ممزوجة بسخط عقدت لساني فلم أتفوه بشيء00ووقفت أنا وصديقي واجمين للحظة قبل أن نسمع صوت الباب يفتح وعاملة النظافة تشير الى الرجل الخارج من غرفة العميد قائلة : ها هو الأستاذ عادل00عاجلناه قائلين : نريد مقابلة العميد بخصوص00لكنه قاطعنا باشارة من يده وقال: انتظروا خمس دقائق فقط00وأشار بيده نحو المقاعد00

٢٧‏/٩‏/٢٠٠٧

في العشرين

منذ عشرين عاما
أعيش بداخل نفس الكيان
لا يزال الجميع ينادي عليّ
باسمي الذي اعتدت
منذ ولدت الى الاّن0
منذ أن دخل الضوء عيني
لأول مره
منذ أن ملأ الدمع عيني
لأول مره
منذ أن مر في رئتي الهواء
وصار يدور عليّ الزمان0
منذ عشرين عاما
وروحي حبيسة جنبين
قلبي يصارع نفس الضلوع
وكل صباح
أحدق في وجه كل المرايا
فأبصر نفس العيون0
هو نفس البريق
وهو يسبح في مقلتي
لا يفارقني
ممسيا 00مصبحا
ثاويا00نازحا
في الوثوب
في السكون0
هل سأحيا الى اّخر العمر
داخل نفس الجسد ؟
كيف أهرب من سجن نفسي
وأصبح شخصا جديدا
فقد ضقت ذرعا بشخصي القديم؟
كيف يمكن أن أصنع
اسما جديدا
ولونا جديدا
ووجها جديدا
ودمّا جديدا
وعمرا يخالف عمري العقيم؟
والام ؟الام
أظل أسيرا لنفس الصفات
ونفس الجهات
ونفس الرفاق
ونفس المشاعر
نفس المصير؟
من أنا؟
من أكون اذن؟
نجمة أفلت
في جحيم المدار0
زهرة ذبلت
في رياض انتظار0
نقطة ضيّعت
في فراغ كبير0
منذ عشرين عاما أسير
منذ عشرين عاما أسير
تشدّ يديّ الحياه
ثم خلّت يدي
وأنا الاّن عند افتراق الطرق0
في لهيب القنوط0
حيرة وقلق0
واشتباك خيوط0
أي درب أسير؟
أي درب أسير؟!0

٢٤‏/٩‏/٢٠٠٧

عام جديد00قديم جدا

يوم جديد
مدينتي00مالك من مدينتي
فليس في ساحاتها
سوى الذباب والحفر
وليس في حياتها
سوى رفيق واحد00
هو الضجر
شعر00نزار قباني
قصيدة00الدخول الى هيروشيما
ديوان00الرسم بالكلمات
أول أمس بدأ العام الدراسي الجديد00لا تندهش وتسأل لماذا تأخرنا أسبوعا عن بقية الكليات، فقد علمتني 4 سنوات قضيتها في الكلية ألا أسأل أي سؤال يبدأ ب"لماذا" او "كيف" لأنني لن أجد له اجابة00كنت في السنوات السابقة اشعر ان عودة الدراسة أشبه بأخذي للاعتقال وكان هذا الشعور نفسه يراودني في الأيام الأخيرة00لكن هذه المرة ومنذ أن استيقظت من نومي مبكرا على غير العادة لم أشعر بأي شيء 00غيرت ملابسي وذهبت الى الكلية وقطعت الطريق الطويل00لا شيء يشغل بالي اطلاقا00وصلت الى هناك في التاسعة تماما ، بدأت الجولة المعتادة في اليوم الأول من كل عام بالسير في كل اتجاه بحثا عن جدول الحضور أو على الأقل عن المدرج الذي ستبدأ فيه المحاضرات 00تعتبر كليتنا هذه الأمور من الاسرار العسكرية التي لا تعرفها الا بعد أن تجتاز اختبارات الولاء !!هاهم بعض من زملائي00سلمت عليهم وسألتهم عما لديهم من معلومات00سوف نبدأ في العاشرة والنصف محاضرة طب الأطفال ثم راوند (دورة العملي) بعدها00الجدول موجود في المدرج الذي سنتلقى فيه المحاضرات في قسم النساء والتوليد00
طبعا لم أسأل لماذا وضع الجدول هناك أو كيف لنا أن نعرف أنه هناك-في الحقيقة لم أهتم بأن أعرف ولم أتضايق بالمرة- أيضا لم أسأل لماذا ندرس طب الأطفال في مستشفى النساء والتوليد لكنني -وياللدهشة-وجدت اجابة عن هذا السؤال00هناك تجديدات في قسم الأطفال00بدأت المحاضرة 00كانت المقدمة قصيرة دخل بعدها المحاضر-رئيس القسم-في الموضوع أو في المواضيع مباشرة كانت عن الطفح الجلدي والأمراض التي تسببه00ربما هذا كل ما فهمته من كل ما قال ولا أذكر بعد ذلك على مدار ساعة ونصف الا صفحات تقلب بعضها اثر بعض على شاشة العرض دون ان اعرف محتواها00وبعض دعابات كان يلقيها المحاضر فأبتسم لها لم أعبأ بهذا كله والحقيقة أن علاقتي بالكلية كانت قد وصلت منذ فترة لمرحلة الطلاق الروحي -عندما يعيش الزوجان في بيت واحد لكن لكل منهما حياته الخاصة ولا صلة بينهما أبدا فقط يجمعهما المكان والأوراق الرسمية حرصا على الشكل الاجتماعي-وان كانت الصلة قد تجددت بعض الشيء في الايام الأخيرة-لا أعني أنها تحسنت ولكن تجددت بحدوث مشاكل وخلافات جديدة!!-ذهبت بعدها الى حضور (الراوند) كانت الأستاذة أشبه بهؤلاء الذين يردون عليك عندما تتصل بخدمة العملاء في شركة ما 00تتحدث بمعدل 500 كلمة في الدقيقة الواحدة وكأنها تحفظ ما تقوله سلفا وتتوقع منك الشيء نفسه 00لم أعرف عن أي شيء تتحدث الا قرب نهاية المحاضرة وطبعا لم أفهم من محتوى الموضوع حرفا00خرجت من (الراوند) وبذلك انتهى اليوم الدراسي 00قال لي أحد زملائي : تبدو هذه السنة الخامسة شديدة الصعوبة قلت له :نعم00ولكنني في الحقيقة لم أكن أشعر بأي نوع من القلق او التوتر أو الرغبة في بدء العمل 00فقط بالضجر0

٢١‏/٩‏/٢٠٠٧

قضية ابراهيم عيسى ومحاكمة عزرائيل2

يوم جديد
لم يبق شيء سوى صمت يسامرنا
وطيف ذكرى يزور القلب أحيانا
..................................
واليوم أجري وراء العمر منتظرا
ما لا يجيء كأن العمر ما كانا
شعر00فاروق جويدة
قصيدة00كأن العمر ما كانا
نشرت الدستور الأسبوعية عدد 19 سبتمبر تحقيقا عن البورصة المصرية أواخر الشهر الماضي ، مفاده أن شائعة صحة الرئيس لم يكن لها تأثير على البورصة وأن البورصة المصرية مستقرة وحققت تقدما على العام السابق وقد حدث لها انخفاض مؤقت بسبب أزمة الرهن العقاري الأمريكي التي أثرت على كل بورصات العالم 00ونشرت على لسان خبراء اقتصاد واستثمار أن سحب 350 مليون دولار هو أمر عادي في البورصة التي تعتمد على تداول الأموال وأن المستثمرين لا يبنون حركة البيع والشراء على شائعات وأن ما يقال عن هروب المستثمرين غير صحيح00
لا أدعي انني أفهم شيئا في أمور البورصة والاستثمار ، وعبثا حاولت أن أفهم شيئا من النشرات الاقتصادية وحديثها عن فتح واغلاق الأسهم وأسعار البيع والشراء لكنّ محاولاتي ذهبت أدراج الرياح00عموما أتمنى أن يكون هذا الكلام صحيحا وألا يكون الاقتصاد من الضعف بحيث تهزه شائعة ضالة أو ينهار لأن نفسا قد عادت الى ربها00وألا نحاكم عزرائيل على أداء وظيفته!0

٢٠‏/٩‏/٢٠٠٧

مصادفة00

يوم جديد
أيها الحب الشتائي الذي
قد تصبانا ولا نملك غيره
أنت مأوانا ومبكانا اذا
عدنا ورحنا نتساند
نحن جربناك لم تخذل خطانا الراعشه
حين أنعمت على القلب بدفء ودثار
وتنسمناك روحا يمنح المعنى
لكون فاقد المعنى
ويعطينا مفاتيح النهار
شعر00فاروق شوشة
قصيدة00شجون عام جديد
ديوان00أحبك حتى البكاء
كان يوما طويلا بحق00كان عليّ أن أنتهي من كتابة البحث وأذهب لطباعته حتى أقدمه في اليوم التالي لأستاذي في الكلية00انتهيت منه مع حلول المساء وذهبت الى مكتب الطباعة حتى أطبعه00دخلت وجلست على الأريكة منتظرا أن يفرغ صاحب المكتب من زبائنه شرعت أتسلى بالنظر في كل اتجاه حتى لفت انتباهي ذلك الجالس في الناحية الأخرى00لم يكن منتبها اليّ دققت النظر أكثر00انه هو بالفعل 00معلمي المحبب الذي كان يدرس لي في المرحلة الثانوية00قمت وناديته فالتفت اليّ وتهلل وجهه لرؤيتي 00تعانقنا بحرارة حقيقية-أمر لم يحدث لي منذ فترة طويلة- أكثر من ثلاث سنوات مرت دون أن نلتقي وحوالي عامان منذ أخر مرة تحدثت اليه للاطمئنان على صحته 00هو أحب معلميّ الى قلبي وقد كنت مفضلا عنده كذلك 00لكم يذكّرني بأيام كنت أعرف فيها غاية لكل ما أفعل وأجد متعة في أبسط الأشياء رغم ما كنت أبذل فيها من جهد وما يعتريني من تعب 00وليست المشكلة في أن تتعب ولكن المشكلة أن تتعب دون هدف وأن تفقد الحماس والرغبة لعمل أي شيء 00تبادلنا التحية والسؤال عن الأحوال 00أجبته : الحمد لله00
سكت لحظة ثم قال : تبدو كمن سار في طريق لمسافة طويلة ثم وقف يتساءل ان كان هذا هو الطريق الصحيح أم لا00
ألجمتني الدهشة للحظات00كيف عرف ما بداخلي في لحظة واحدة ولخّص مشكلتي في كلمات قصيرة؟00كيف نفذ الى نفسي دون أن أنطق مع أن المقربين جدا مني لا يتفهمون ما أشعر به ولا يحسونه ؟00قلت : هل الأمر ظاهر عليّ بهذا الشكل؟00واتتني رغبة أن أفتح قلبي بكل ما فيه وأشكو من كل ما يضايقني لكن المفاجأة والحماس جعلا أفكاري مشوشة ورحت أتحدث عن أشياء متفرقة دون ترتيب 00واساني بكلمات رقيقة وقال انه واثق من أني سوف أنجح وأتغلب على أية عقبات 00ابتسمت وسألته عن أحواله 0أجاب : أنا -والحمد لله -سعيد وقد اكتشفت أن السعادة ارادة داخلية 00ما دمت قريبا من الله ومرتاح البال فعليك أن تجد السعادة فيما قسمه الله لك00سألني عن سبب مجيئي للمكتب00اّااه كنت قد نسيت ! أعطيت الاسطوانة لصاحب المكتب حتى يطبعها 00ساد صمت لدقائق قطعته أسئلة عابرة عن الصحة والعمل00اخذت أوراقي وسألته عن رقم هاتفه القديم فاجاب بأنه قد تغير00ثم أضاف باسما بأنه -أخيرا- اشترى هاتفا محمولا لكنه للاسف لا يحفظ رقمه! ابتسمت وأخذت رقم المنزل الجديد وطلب رقمي وتواعدنا على اتصال أو لقاء قريب00 عدت الى المنزل منتشيا أرفل في حالة من السكون الجميل لكن مهلا00نسيت أن أدفع الحساب ! ونسيت مواد أخرى كنت أريد طباعتها ! ركبت السيارة مرة أخرى عائدا للمكتب 00سالني استاذي باسما عن سبب العودة فاجبته وأضفت : لي نصيب أن نجلس معا فترة أطول00أنهيت أوراقي وتأكدت من أنني لم أنس شيئا هذه المرة00
منذ أيام قليلة اتصلت به لأهنئه بالشهر الكريم 00حالة السكون والنشوة عادت اليّ بمجرد سماع صوته 00هنأته بالعام الدراسي الجديد وسالته عن أولاده 00كانت اجابتي عن سؤاله عن اخباري تشبهها في المرة السابقة : الحمد لله بخير00قال : هناك حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-يقول ما معناه أن ثمة ذنوبا لا يكفرها الا الكد 000كأنه يرشدني الى هدف لما ابذله من جهد والى نتيجة سوف تتحقق من خلاله 00ودعني شاكرا اتصالي وكنت انا من يحتاج الى أن يشكره00

١٩‏/٩‏/٢٠٠٧

في موكب الحياة

مازلت بين الموج لم
أغرق ولا نلت النجاه
ما بين صدر ضائق
وبسمة فوق الشفاه
تمضي بنا الأيام لا
ندري الى أي اتجاه
ونثور احيانا ونسأل
أي معنى للحياه ؟

١٧‏/٩‏/٢٠٠٧

أصداء السيرة الذاتية3


يوم جديد

يا زمانا يمر كالطير مهلا

طائر أنت ؟ويك! قف طيرانك

أهناء الساعات !تجري وتعدونا

عطاشا فقف بنا جريانك

ويك دعنا نمرح بأجمل أيام

ونلقى من بعد خوف أمانك

واذا نحن لذة العيش ذقناها

ومرت بنا فدر دورانك!0

شعر00الشاعر الفرنسي لامارتين

قصيدة البحيرة

ترجمة علي محمود طه

نعود اليوم لاستكمال ما بدأناه عن أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ

سوف نتحدث عن الشيخ عبد ربه التائه الذي تحتل حكاياته وحكمه الثلث الأخير من الكتاب00 عبد ربه التائه رمز للتصوف والحكمة

كان اول ظهوره حين سمعوه ينادي: ولد تائه يا أولاد الحلال 00فقدته منذ سبعين عاما فغابت عني أوصافه_ربما يرمز للطفولة التي شهدت البراءة والسعادة وضاعت منه بعد أن كبر_ يجتمع الشيخ مع اصحابه في كهف بالصحراء حيث ترمي بهم فرحة المناجاة في غيبوبة النشوات كما يقول محفوظ 00حتى وصفوا بالسكارى ووصف كهفهم بالخمارة 00هذا الكهف يقال ان سيدة رائعة الجمال كانت تطوف به وأنها سوف تختار منه قرينها ذات يوم 0جاء كثيرون لكنهم يئسوا أما الشيخ وأصحابه فقد صمدوا للنهاية 00ليس الشيخ عبد ربه صوفيا يكره الدنيا أو يزهد متعها بل هو يحب النساء والطعام والغناء والشعر والمعرفة يقول انها نعم من الملك الوهاب وان محور طريقته هو حب الدنيا وعدوه الهروب00

يحكي الشيخ عبد ربه في قصة: على وشك الهروب00

أغرتني نشوة الطرب ذات مرة بالتمادي في الطرب حتى طمعت أن أثب مرة من الطرب الأصغر الى الطرب الأكبر، فسألت الله أن يكرمني بحسن الختام00عند ذاك همس في أذني صوت:"لا بارك الله في الهاربين" 0

هذا يذكرني بجملة قرأتها لنجيب محفوظ في أحد حواراته مع الكاتب محمد سلماوي حين قال انه قد أعجب بالصوفية لكن هذا الاعجاب لم يجعله زاهدا في الدنيا بل مقبلا عليها ولكن بعد معرفة حقيقية بها00

ثم يحكي عبد ربه في قصة العريس عن مثله الأعلى

رجل طيب تجلت كراماته في المداومة على خدمة الناس وذكر الله ، وفي عيد ميلاده المائة سكر ورقص وغنى وتزوج من بكر في العشرين0 وفي ليلة الدخلة جاءت كوكبة من الملائكة فبخرته ببخور من جبل قاف0

الجزء الأخير من الكتاب يمتلئ بحكم مكثفة للشيخ عبد ربه منها 00

افعل ما تشاء ولكن بشرط ألا تنسى وظيفتك الأساسية وهي الخلافة0

ما أجمل ان ترحل عنها وقد ازداد كل منكما بصاحبه رفعة0

وأحيانا على هيئة ردود على أسئلة الكاتب00

الرحمة

سألت الشيخ عبد ربه التائه: كيف لتلك الحولدث أن تقع في عالم هو من صنع الرحمن الرحيم؟

فأجاب بهدوء: لولا أنه رحمن رحيم ما وقعت!0

ثم نصل الى القصة الأخيرة بعنوان الفرج حيث يتجمع الأصحاب في الكهف لايتخلف أحد وينظر الجميع نحو باب الكهف يقول محفوظ

وفي لهفتنا رأته البصيرة وسمعته السريرة 00شيء من أفكار الصوفية عن تكشف الحجب والوصول الى حقيقة النفس والدنيا أو ربما

هي اشارة لساعة الحشر وتبين الخاتمة0

١٦‏/٩‏/٢٠٠٧

مع أصداء السيرة الذاتية2


فاذا وقفت أمام حسنك صامتا

فالصمت في حرم الجمال جمال

شعر 00نزار قباني

قصيدة00الى تلميذة

ديوان00الرسم بالكلمات
سألتزم بنصيحة نزار وأعرض عليكم بعضا من أجمل ما كتب محفوظ في أصداء السيرة الذاتية مكتفيا بالصمت أمام جمالها الساحر00

شكوى القلب

ثقل قلبي بعد أن أعرض عني الزمن وراح الطبيب يبحث عن سر علته في الصورة التي طبعتها الأشعة 0تأملته بفضول حتى خيل اليّ أنه يراني كما أراه وأننا نتبادل النظر 0وجالت ايضا نظرة عتاب في عينيه فقلت له كالمعتذر :طالما حملتك ما لا يطاق من تباريح الهوى

فاذا به يقول : والله ما أسقمني الا الشفاء !00



الراقصان

قال الشيخ عبد ربه التائه : ما روعني شيء كما روعني منظر الحياة وهي تراقص الموت على ذاك الايقاع المؤثر الذي لا نسمعه الا مرة واحدة في العمر كله 0



الحركة

جاءني قوم وقالوا انهم قرروا التوقف حتى يعرفوا معنى الحياة ، فقلت لهم تحركوا دون ابطاء فالمعنى كامن في الحركة00

مع أصداء السيرة الذاتية2

يوم جديد
كلما رفرف بالايمان صدري
وسرت أشواقه الكبرى بثغري
ثملت روحي من الحب ولاذت عند بابك
ورنا قلبي فشاهدت السنا خلف حجابك
قوتي منك ومنها تنهل الحمد شفاهي
وتغني رب سبحانك دوما يا الهي
شعر00محمود حسن اسماعيل
قصيدة00تاهت في العبير
ديوان00قاب قوسين



الطرب
اعترض طريقي باسما وهو يمد يده ،تصافحنا وانا أسال نفسي عمن يكون هذا العجوز ،وانتحى بي جانبا فوق طوار الطريق وقال:نسيتني ؟! فقلت في استحياء :معذرة انها ذاكرة عجوز00
قال: كنا جيرانا على عهد الدراسة الابتدائية وكنت في اوقات الفراغ أغني لكم بصوت جميل ، وكنت انت تحب التواشيح00
ولما يئس مني تماما مد يده مرة أخرى قائلا: لا يصح ان اعطلك اكثر من ذلك00
قلت لنفسي ك ياله من نسيان كالعدم بل هو العدم نفسه ولكنني كنت ومازلت أحب سماع التواشيح00
اشياء كثيرة تسقط من الذاكرة00لكن بعض الاشياء التي أحببناها تبقى معنا ولاننساها 00لقد نسي جاره القديم تماما لكن حبه للتواشيح لم يفارقه 00أشخاص نعرفهم وتجارب نمر بها قد نتصور أنها نسيت تماما لكن الخبرات والمشاعر التي تتركها بداخلنا لا تمحى بمرور الزمن00
الفائز
قال الشيخ عبد ربه التائه: ذاع في الحارة ان المرأة الجميلة ستهب نفسها للفائز وانهمك الشباب في السباق بلا هوادة00
ومضى الفائز الى المراة ثملا بالسعادة مترنحا بالارهاق 0وعند قدميها تهاوى قرينا للوجد فريسة للتعب0وظل يرنو اليها مطمئنا حتى لعب النعاس باجفانه00
لو فسرنا المراة الجميلة على أنها الدنيا التي تسابق عليها الناس فالقصة تشير الى من يضيعون أعمارهم في الركض المحموم نحو أطماع الدنيا دون ان يعطوا أنفسهم فرصة لالتقاط الأنفاس والاستمتاع بما حققوه فعلا من أهداف ومنجزات00حتى يغيبهم الموت في النهاية وقد عاشوا أعمارهم كلها في تعب متواصل00

١٥‏/٩‏/٢٠٠٧

صورة00

يوم جديد
نعود لاغترابنا
يشدنا انكسارنا وضعفنا
الى الرسائل القديمة المكدسة
الى الرسائل البعيدة الأمد
لعلنا نجد
من كان يضمر الحنان
من كان يستطيع ان يحبنا في غابر الزمان
شعر00محمد ابراهيم أبو سنة
ديوان00قلبي وغازلة الثوب الازرق
أين المفاتيح؟! صحت غاضبا وأنا أفتح الأدراج وأقلب ما فيها بعنف00حين رأيتها في قاع الدرج 00صورة قديمة لجدي رحمه الله لم ارها منذ وقت طويل0توقفت مكاني وشعرت ان كل شيء من حولي قد توقف00اّاااه كم أفتقدك ياجدي العزيز00هذه البسمة العذبة والعيون التي تشع طيبة والشيب المحبب00اتذكرك وأنت في جلبابك الأبيض الناصع خارج للصلاة او عائد منها00اتذكرك وانت ممسك بكتاب الله الذي كنت تحفظه وتقرأ فيه بخشوع00تدين سمح جميل00سلام كامل يملأ النفس التي تشعر قربا ومودة مع خالقها00لم تعرف التطرف او المغالاة او الغضب الذي يخرج من النفس أسوأ ما فيها_لا أذكر أني رايتك مرة غاضبا من شيء أو من أحد دائما تسامح الجميع00اّااه يا جدي الطيب 00كم أنا في حاجة اليك الاّن00كم أنا في حاجة لأن القي لديك همي 00واخرج كل ما في صدري لأضعه بين يديك00حتى أخرج من الحيرة التي تحاصرني من كل جهة ومن الكاّبة التي تفسد عليّ الحياة00شيء ما يحدثني انك لو كنت موجودا الاّن لكان لديك العلاج الشافي مما انا فيه00ولكنت الدليل الذي ياخذ بيدي بعد أن تشابهت عليّ الطرق وعز الوصول00
لم أرث شيئا من ملامح وجهك ولا هذه السكينة التي كانت ترافقك كظلك _لكنك ربما لم تصل اليها الا بعد حيرة كحيرتي واخذ و رد مع الدنيا00 من يدري؟_ لم أرث عنك سوى جمال الخط 00ذلك الذي كنت تعلمني اياه وانا بعد طفل صغير00لكن حاجتي لك لم تكن مثلها الاّن ولا براءة الطفل تشبه حيرة من يبدا عقده الثالث من العمر00لكن كيف يمكن الوصول اليك؟00
أعدت الصورة الى مكانها واغلقت الدرج 00ربما أفضل ما أفعله الاّن أن أقرا له الفاتحة00عدت للبحث عن المفاتيح لكن غضبي كان قد تلاشي وحل محله شجن شفيف00

١٤‏/٩‏/٢٠٠٧

مع أصداء السيرة الذاتية 1


يوم جديد

يا نفس ما هذا الأسى والكدر

قد وقع الاثم وضاع الحذر

هل ذاق حلو العفو الا الذي

أذنب 00والله عفا واغتفر

من رباعيات عمر الخيام

ترجمة احمد رامي




فاتك الكثير لو لم تكن قرأت هذا الكتاب00أصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ

والكتاب ليس سردا لسيرة حياة محفوظ كما قد يظهر من عنوانه00لكنه عبارة عن مواقف متفرقة كتبت على شكل ومضات لامعة تكشف جوانب من الحياة والبشر والحكمة بأسلوب غاية في الاختصار والعذوبة والصفاء حتى أنه أقرب لروح الشعر منه للنثر00سوف اطلعك على بعض هذه الأصداء معلقا على بعضها وصامتا أمام البعض الاخر00وأرجو أن تشاركني بارائك وتعليقاتك00 البلاغة

قال الأستاذ: البلاغة سحر

فأمّنا على قوله ورحنا نستبق في ضرب الأمثال00ثم سرح الخيال الى ماض بعيد يهيم في السذاجة0تذكرت كلمات بسيطة لا وزن لها في ذاتها مثل: أنت 00فيم تفكر 00يالك من ماكر00

ولكن لسحرها الغريب الغامض جن أناس وثمل اّخرون بسعادة لا توصف00

حقا ليست البلاغة فقط في فخامة اللفظ وزخرف العبارات فبعض كلمات تافهة قد يكون تأثيرها في النفس أكبر واعمق اذا خرجت من شخص له مكان ومكانة في القلب00أواذا خرجت من قائلها حاملة صدقا حقيقيا ومشاعر جياشة00فالكلمات التي أوردها محفوظ قد تكون من حبيبة مثلا او من أم وتكون ذكراها في القلب أجمل من ألوف الحكم والأبيات00أعادتني البلاغة الى كلمات لعباس العقاد في مقدمة ديوانه عابر سبيل00يقول

كلمة "أنا حاضرة" اذا كتبتها معشوقة الى عاشق حملت اليه من الفرحة والشوق وأشاعت في نفسه من الأمل واللذة ما تضيق عنه اشعار العبقريين ورسائل البلغاء وهي تعد من أتفه الجمل التي يتالف منها الكلام المركّب المفيد00

ثم يقول في موضع اّخر00

ان احساسنا بشيء من الأٌشياء هو الذي يخلق فيه اللذة ويبث فيه الروح ويجعله معنى شعريا تهتز له النفس أو معنى زريا تصدف عنه الانظار وتعرض عنه الاسماع0

ولنا عودة مع صدى اّخر00

١٣‏/٩‏/٢٠٠٧

قضية ابراهيم عيسى ومحاكمة عزرائيل


يوم جديد

ان لم اكن أخلصت في طاعتك

فانني أطمع في رحمتك

وانما يشفع لي أنني

قد عشت لا أشرك في وحدتك

من رباعيات عمر الخيام

ترجمة احمد رامي



أولا وقبل كل شيء 00رمضان كريم

أمرت النيابة العامةبتقديم أبراهيم عيسى رئيس تحرير الدستور للمحاكمة أمام محكمة جنح بولاق في الأول من أكتوبر

كان هذا هو الخبر الذي تصدر الصفحة الأولى في جرائد الأمس 00قد يصيبك بالضيق أو الغضب أو حتى الملل كل هذا ليس جديدا

وعلى الرغم من أن السبب الحقيقي لهذه القضية لا يخفى على أحد وأنها ما هي الا حلقة جديدة في سلسلة محاولات النظام للتخلص من عيسى _المعارض المزعج_ومن جريدة الدستور00بدات الحلقات _لمن لم يتابعها_باغلاق الاصدار الأول من الدستور ومنع روايتين لعيسى ثم كان اخرها القضية التي اتهمه فيها محام من وراق العرب بنشر أخبار كاذبة تثير الرعب_لاحظ طرافة التهمة_وانتهت منذ أشهر قليلة بغرامة مالية00

ها هو جزء جديد في المسلسل السخيف_بدأ قبل رمضان بالمناسبة_لكن تعال نلق نظرة على التهم هذه المرة

اولا: تعمد نشر شائعات وبيانات وأخبار كاذبة بسوء قصد00لا أعرف كيف يمكن تحديد سوء القصد من حسن القصد

الحاق الضرر بالمصلحة العامة00ولم أكن أعرف ان هناك شيئا في القانون اسمه الضرر بالمصلحة العامة فما هي هذه المصلحة ومن الذي يمكنه تحديد ان هذا الشيء فيه مصلحة عامة أو لا00الامر اشبه بتهمة الاساءة لسمعة مصر أو اثارة الفتنة أو زعزعة استقرار الوطن تلك التهم المطاطة التي ليس لها اي معنى وليست سوى ادوات بطش تستخدمها الانظمة في التخلص من معارضيها00راجع تدوينة بلد بتاعة شعارات صحيح00

تقول حيثيات الاتهام ان هذه الشائعة أدت الى سحب استثمارات أجنبية من البلاد بأكثر من 350 مليون دولار!!هذا الى جانب انخفاض مؤشر البورصة بصورة غير عادية بسبب شائعة مرض الرئيس فتدافع المستثمرون لبيع وتسييل استثماراتهم تجنبا لحدوث خسائر اكبر!! دعك من سذاجة أن تكون الدستور مسئولة عن كل هذه الكوارث وهي التي لا توزع أكثر من 150 ألف نسخة على أقصى تقدير وتامل معي الكارثة الاكبر00كل هذا الخراب بسبب شائعة ساذجة عن مرض أو وفاة الرئيس! ماذا لو كانت حقيقة ؟البورصة تنهار والوضع الاقتصادي للبلاد يتدهور والمستثمرون يفرون بأموالهم كل هذا لان الرئيس مات!! أليس الرئيس بشرا شارف على الثمانين ومن الطبيعي بحسابات الطب والحياة والمنطق أن يمرض أو يموت؟؟هل ستموت الدولة ويجوع 75 مليونا لوفاة شخص واحد؟؟ هل الوضع الاقتصادي كله متوقف على نفس يدخل واخر يخرج من رئتي الرئيس؟! ماذا لو مات فعلا؟ هل نحاكم عزرائيل أم سنرغمه على تعويض كل هذه الخسائر؟!!0

ملحوظة00أشعر اني تأثرت كثيرا بأسلوب ابراهيم عيسى في هذا المقال وربما ذلك بسبب طبيعة الموضوع00

٨‏/٩‏/٢٠٠٧

وزير الزراعة تاه في واحة الغروب


يوم جديد


وتساءلت اذ مررت بنجد

أطويل طريقنا أم يطول؟

وكثير من السؤال اشتياق

وكثير من رده تعليل


شعر00أبو الطيب المتنبي



منذ شهر مضى ، وبينما كنت اقرا رواية بهاء طاهر الاخيرة واحة الغروب،لفت انتباهي خبر بجريدة المصري اليوم ،عن وزير الزراعة السيد أمين أباظة الذي ضل طريقه أثناء زيارته الى واحة سيوة من اجل تفقد بعض المشروعات الزراعية بالواحة00

تدور احداث رواية بهاء طاهر في نهاية القرن التاسع عشر بعد احتلال الانجليز لمصر00وتحكي عن الضابط محمود عبد الظاهر الذي ترسله السلطات البريطانية مامورا على واحة سيوة00كان ذهابه الى هناك نوعا من العقاب لان السلطات البريطانية رات انه تعاطف مع العصاة_الثورة العرابية_فقررت ارساله في رحلةخطيرة خاصة ان الكثير من القوافل تتعرض للهلاك بان تضل الطريق او تهب عليها الرياح او تلدغ راكبيها الثعابين او تهاجمهم الذئاب والضباع00كل هذا فضلا عن ان اهل الواحة انفسهم يكرهون الحكومة

بسبب الضرائب التي تفرض عليهم ويعاملون الشرطة بعداء شديد لانها تاخذ ثروات الواحة دون وجه حق000

هبت عاصفة شديدة على قافلة محمود راى فيها الموت بعينيه00لكن الغريب انه لم يعد يخاف الموت عندما اقترب منه بشدة بل استراح اليه وتمني ان يذهب اليه سريعا لكن العاصفة انتهت فجاة كما بدات واعادت محمود للحياة مرة اخرى

ضل الوزير طريقه رغم وجود دليل من اهل الواحة ونفد وقود سيارته كما فقد الاتصال بالوزارة ومديرية امن مطروح وظل عالقا في منطقة جبل جهنم ولم ينقذه الا المسئولون في مقر المخابرات العامة لحرس الحدود الذين قلقوا لتاخره وقاموا بعمل مسح ميداني للمنطقة حتى عثروا عليه00


أسلمت الصحراء الواسعة محمود الى تاملاته00فبدا يفكر في نفسه ويتذكر ماضيه وحاول ان يفتش عن ازمته الحقيقية التي تمنع عنه اي احساس بالسعادة والرضا عن حياته00


ترى هل كان الوزير يفكر في في أزمته؟ هل كان يفكر في المبيدات المسرطنة التي تتحدث الصحف عن عودتها الى دخول مصر في عهده؟هل كان يفكر في القطن المصري _الذي كنا نتباهى به_ واصبحنا نسمع انه لم يعد قادرا على المنافسة عالميا؟



واجه محمود الكثير من المشاكل في الواحة وفي علاقته بزوجته الايرلندية وتوصل الى حقيقة ازمته 000كان محمود بعد هزيمة عرابي واعوانه قد تعرض للتحقيق وانكر علاقته بالثورة او مساعدته لها بل زاد ووصف الثوار بالبغاة وذلك لينقذ نفسه من السجن او التسريح من العمل00ظل طوال هذه السنوات يشعر بالجبن والتخاذل00وقرر انه لا يمكن ان يعيش منقسما الى نصف شجاع ونصف جبان وانه كان يجب ان يدافع عن مبادئه مهما كلفه ذلك00لم يستطع ان يتحمل حياته بعد ذلك وقرر الهرب من كل شيء وانتحر بالديناميت الذي فجره في نفسه وفي معبد ام عبيدة0*00


لكن هل وصل الوزير الى حقيقة ازماته؟وهل سيحلها ام انه سيهرب هو الاخر حتى لو اتخذ طرقا اخرى غير الانتحار؟؟

ثم ماذا عن سيوة نفسها؟في القرن التاسع عشر كان اهلها لا يتحدثون العربية ويعتبرون المصريين غرباء وربما غزاة جاءوا ياخذون ثمار الواحة00ترى هل شعرت مصر حقا ان سيوة جزء منها ام انها تلقى التجاهل مثل سيناء والنوبة؟أظنها لا تلقى الاهتمام الكافي بدليل ان احدا من وزراء الزراعة السابقين لم يزر الواحة من قبل _كما يقول الخبر_ كما ان اهل الواحة يشكون من زيادة المياة الجوفية التي تفسد زراعة النخيل والزيتون _التي طالما وصفتها الرواية_ لكن الوزير امين اباظة قد فعلها ووعد بحل مشاكل سيوة

فهل يجد حلولا لواحة الغروب ولنفسه؟ 00