١٨‏/٦‏/٢٠٠٨

يحيا ديجول !

يوم جديد
نامت نواطير مصرٍ عن ثعالبها
حتى بشمنﹶ ولم تفن العناقيدﹸ

شعر ..أبي الطيب المتنبي
في الفيلم الفرنسي (العدو الحميم)(*) كان هناك مشهد لقوات الاحتلال الفرنسي وهي تهاجم بيوت المواطنين الجزائريين ..ولم يجد أحد المواطنين وسيلة للنجاة من الاعتتقال والتنكيل اذا ظنت القوات أنه يساعد المقاومة –الا ان يردد بصوت عال يحيطه الفزع:
"يحيا ديجول ! يحيا ديجول! "
ليثبت انه يساند الفرنسيين ولا شأن له بالمقاومة..ذكرني هذا بجملة قالها شارل ديجول في بداية حكمه لفرنسا معناها أنه مادامت الجامعة والقضاء بخير فلا خوف على فرنسا..
ترى ماذا لو طبقنا هذا الكلام على الوضع في مصر ؟
الجامعة..
لو وجهنا عدسة الكاميرا الى الجامعات المصرية أظننا نستطيع أن نلتقط الكثير من الصور المعبرة ..مثلا صورة لمدرجات قديمة ذات مقاعد متهالكة رديئة التهوية والاضاءة ..مدرجات خالية الا من نزر يسير من الطلبة بتقريب العدسة من وجوههم يتضح الامتعاض واللامبالاة أو حتى أو حتى النوم ..في المقابل حشود كبيرة جدا من الطلاب تتجمع وتتزاحم وتتقاتل لأخذ مكان في مناطق خلف الجامعة-كأنها جامعة موازية- حيث مراكز الدروس .زاو تحتشد في مكتبات التصوير للظفربـ ( أصدق التوقعات في أسئلة الامتحانات) ..لا تغفل الكاميرا هؤلاء الشبان الذين يستوقفون الطلاب ليعطوهم أوراقا دعائية حيث (30 جنيها فقط للمحاضرة الواحدة والمادة في محاضرتين) في ليلة الامتحان..وتنتقل الكاميرا بسرعة الى سلالم المباني الجامعية وقاعات الامتحان حيث الطلبة يخرجون من الامتحانات وحيث المذكرات والأوراق ملقاة على الأرض تدوسها النعال..لا بأس بنظرة على أي جريدة يومية وتركيز على خبر ترتيب الجامعات المصرية عالميا أو اضراب اساتذة الجامعات ومطالبتهم بكادر خاص..
القضاء..
لا تخفى أبدا الأحكام القضائية واجبة النفاذ التي تماطل الحكومة في تنفيذها..والبطء القاتل في اجراءات التقاضي –حتى أن حبال المحاكم الطويلة أصبحت كلمة دارجة في ثقافتنا- ثم ننتقل الى أحكام قضائية غريبة ضد معارضين – أيمن نور مثلا والمحاكمات العسكرية للمدنيين من الاخوان – وصدور أحكام بالحبس والغرامة على صحفيين مستقلين – قضية صحة الرئيس مثلا وقضية اهانة رموز الحزب الوطني- وكان القضاء يتحول عن تحقيق العدالة الى اداة بطش في يد السلطة – وهو امر في منتهى الخطورة على مستقبل أي دولة فالله يقيم الدولة العادلة حتى ولو كانت كافرة كما قال ابن عباس –ثم تهميش الاشراف القضائي على الانتخابات، وان كانت الصورة لا تخلو من مناطق مضيئة تتمثل في وقفات محترمة لعدد من المستشارين الشرفاء دفاعا عن استقلالهم وكلمات حق يقولونها دون مواربة أو خوف..
ما حالنا اذن قياسا بنظرية ديجول؟ الحال لا يخفى على احد
لكن السؤال: هل هناك من يعرف كلمات ديجول أو يؤمن بها من الذين يحكموننا؟
يحيا ديجول !

....................
(*)للمزيد عن الفيلم يمكنك العودة لتدوينة (العدو الحميم..فيلم يبحث عن جمهور)عبر الرابط http://http://youmgedid.blogspot.com/2007/12/00-0.html

ليست هناك تعليقات: