يوم جديد
يا رياحا ليس يهدا عصفها
نضب الزيت ومصباحي انطفا
وأنا أقتات من وهم عفا
وأفي -العمر-لناس ما وفى
كم تقلبت على خنجره
لا الهوى مال ولا الجفن غفا
واذا القلب على غفرانه
كلما غاربه النصل00عفا
ابراهيم ناجي
قصيدة الأطلال
كان عماد جالسا على مقعده في المدرج بين المحاضرتين عندما دخل صديقه مصطفى وجلس بجواره باسما00
عماد : كيف حالك اليوم ؟
مصطفى : الحمد لله
عماد :لماذا لم تحضر المحاضرة السابقة ؟
مصطفى :في الحقيقة 00وجدت النوم أكثر فائدة !0
ضحك الاثنان ثم قال مصطفى : عماد 00دقيقة واحدة من هاتفك لو سمحت
أخرج عماد هاتفه المحمول من جيبه وناوله لمصطفى فسأله الأخير :انه مغلق هل فرغ شحن البطارية ؟
عماد : لا ولكنني أغلقته بسبب المحاضرة00
أمسك مصطفى بالهاتف وضغط الأزرار ثم التفت الى عماد قائلا : لمن هذه الصورة؟
عماد:انه حاتم السعدى
مصطفى :ومن يكون؟
رد عماد مبتسما :شاعر كبير
مصطفى :ولماذا تضع صورته ؟
عماد :هو من أكثر الناس الذين أحبهم00هل أعيرك ديوانا له؟
رد مصطفى ضاحكا :وهل أقرأ الكتب الدراسية حتى أقرأ شعرا ؟
انهمك مصطفى في اجراء الاتصال لكنه أنهاه باقتضاب اذ رأى المحاضر يدخل من باب المدرج وناول عماد الهاتف00كان المحاضر مدرسا مساعدا في الثلاثينات جاد الملامح ميالا للعبوس 00سرعان ما أمسك بالميكروفون وانهمك في شرح موضوع المحاضرة أو بمعنى أصح في التخلص من الكلمات المحبوسة في جوفه00لم يوقف هذا السيل المنهمر من الثرثرة الا رنين هاتف محمول في وسط المدرج00اتقدت عيناه وأمر بصوت أقرب للصراخ : تعال هنا !0
مزيج من الحرج والضيق اعترى عماد في هذه اللحظة وهو ينهض من مقعده ويمر من بين الطلاب لكي ينفذ الأمر 00(كيف دق هذا الملعون وكنت قد أغلقته عند دخولي للمدرج ؟اّه00مصطفى!) نظر نحو مصطفى معاتبا فرفع الأخير يده معتذرا00
هيا !00صاح المحاضر فأسرع عماد الخطى نحوه حتى وقف أمامه مباشرة00
المحاضر :ألم أحذركم في أول يوم دخلت لكم فيه من فتح الهواتف أثناء محاضرتي؟
هز عماد رأسه وقال :أنا اّسف لكن00
المحاضر :أعطني هذا الهاتف
عماد :والله كنت قد أغلقته لكن00
المحاضر :قلت لك هاته !0
كان المحاضر يصرخ في الميكروفون بصوت يهز المدرج بينما كان عماد بصوته مجردا وزاده الحرج انخفاضا حتى أن أحدا من الطلاب لم يكن يكاد يسمعه00أمسك المحاضر بالهاتف ثم قال :صورة من هذه ؟
عماد :حاتم السعدي
المحاضر :السعدي !0
عماد : الشاعر والكاتب الكبير00
المحاضر :شاعر ! أنت تقرأ الشعر اذن0
عماد : نعم
المحاضر :عظيم عظيم00تترك دراستك من أجل أن تقرأ00خرج الحزن من قوقعة الحياة المتكسرة وصار يسكر حتى وصل الى دروب الانتحار الشاطئي وذاب في عالم من ال00بطيخ00
ضج الحضور بالضحك بينما احتقن وجه عماد وأضاف المحاضر : كلام فارغ
عماد : حاتم السعدي لا يكتب مثل هذا الكلام ثم ان الشعر ليس كلاما فارغا00
لكن المحاضر لا يترك له فرصة : اخرج من المحاضرة
عماد :لكنني اعتذرت عن خطئي وهي المرة الأولى
المحاضر : قلت لك اخرج والا حرمتك الحضور بقية العام00
خرج عماد مستسلما وجلس في ساحة الكلية في ضجر00خرج أصحابه بعد نهاية المحاضرة وتوجهوا نحوه باسمين:
حازم :لا تحزن 00ولكن هل هناك أحد يضع صورة شاعر على هاتفه ؟
طارق : لماذا لم تضع صورة المتنبي ؟
اياد :ضع صورة (الدكتور) وسوف يصفح عنك فورا يضحك الجميع ويبتسم عماد رغما عنه0
جلس عماد في غرفته وأمسك بالهاتف متذكرا ماحدث له بسببه في هذا اليوم00سمع جلبة في خارج الغرفة ميز فيها صوت (الحاج محمود )صديق والده ثم سمع صوت والده يناديه : تعال يا عماد 00عمك محمود هنا
خرج عماد مسرعا وصافح الحاج محمود بحرارة وتبادلا التحية المعتادة00وجعل الحاج محمود يسأله عن أحواله وعن الدراسة ثم فجأة أشار للهاتف في يد عماد قائلا :أرني هاتفك يا عماد لو سمحت0
ما قصة هذا الهاتف اليوم ؟00قالها عماد في نفسه وهو يعطي الهاتف للحاج محمود
الحاج : ولدي (محمد) يريد هاتفا جديدا لكنني لا أعرف أي نوع أشتري أنت تعلم أن00صورة من هذه؟ أظنني رأيته قبل ذلك0
عماد (بابتسامة ): انه حاتم السعدي 00شاعر
الحاج :نعم 00نعم00ولماذا تضع صورة شخص كهذا ؟
عماد :وما به ؟
الحاج :ما به ! يكتب في العشق والفرام والخلاعة وقلة الأدب!0
عماد : حاتم السعدي ليس قليل الأدب وانما00
الحاج :أنت تصلي وتعرف ربك 00ألم تقرأ قوله تعالى :"والشعراء يتبهم الغاوون*ألم تر أنهم في كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون "0
لكنه -تعالى-يقول بعدها : "الا الذين اّمنوا0000"0
لكن الأب يقاطعه قائلا :عماد00هل ستعرف أكثر من عمك ؟ أيليق بك أن تناطحه في الكلام بهذا الشكل ؟يبدو أن الكتب التي تضيع نقودك عليها قد أفسدتك00
ذهب عماد في يوم اخر الى الجامعة وقد حذف صورة حاتم السعدي ووضع صورة ابن أخيه الرضيع بدلا0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق