يوم جديد
يا خالق الكون بالحساب والجبر
وخالقني ماشي بالاختيار والجبر
كل اللي حيلتي زمزمية أمل
وازاي تكفيني لباب القبر ؟!
عجبي !
من رباعيات صلاح جاهين
11 صباحا
صوت المذيعة يصل اليّ عبر مذياع السيارة ،وهي تسأل المتصلة ان كانت ستكمل المسابقة أو تنسحب ، قررت المتسابقة أن تكتفي بالنقود التي حصلت عليها في دقائق معدودة ، مجرد صدفة جعلتها تفوز في السحب ، ويجري بها الاتصال ، لتستمع الى أسئلة تافهة تنوب المذيعة عنها –تقريبا-في الاجابة عليها . أغلب من يبعثون برسائل المحمول ويجرون الاتصالات بغية أن يحالفهم الحظ يدركون أن كثيرين غيرهم يحاولون ، وأن شركة الاتصالات والبرنامج هما الرابحان الأساسيان من الأمر كله ، لكن كلا منهم لديه من الأمل ما يقول له انه قد يفوز كما فاز غيره ، ولا ضرر من المحاولة ودفع نقود زهيدة مقابل مكسب ضخم (لو تحقق) . أتذكرعبارة جميلة قالتها شخصية في فيلم (المليونير المتشرد) حين سألها البطل عن سر مشاهدة الجميع لبرنامج المسابقات الشهير (من سيربح المليون؟) ..قالت انه فرصة للهرب . يضعك في حياة جديدة . شيء لا يختلف كثيرا عن أوراق (اليانصيب) أو حتى المقامرة ، وسيبقى مابقي هناك أمل في الفوز.
***
12 ظهرا
في موعدي تماما أصل الى ساحة انتظار السيارات ، لكن صفا من السيارات يتوقف منتظرا أمام مدخلها الذي أقرأ عليه لافتة :كامل العدد . حسنا سأصفها في الساحة الأخرى . وصلت فلم أجد بها أي مكان خال . اندهشت لهذا الزحام في يوم السبت والكثير من الأماكن في اجازة . لأكثر من ثلث ساعة كنت أدور حول الكلية وأدخل شوارع جانبية ضيقة وأخرج منها دون أن أجد بضعة أمتار خالية . لا يمكن أن أحصي كم مرة زفرت وضربت عجلة القيادة غضبا والوقت يمر وأنا أتأخر دون أظفر بحقي الطبيعي كانسان أنهى طريقه في أن (أغلق السيارة وأمضي) . تركتها صفا ثانيا لاعنا كل القوانين وأسرعت الى المحاضرة وليكن ما يكون . فكرت كيف يمكن لهؤلاء الناس أن يحتملوا هذا الزحام الخانق ويتعايشوا معه ، كيف يحتملون أن يصلوا الى مقاصدهم بعد أضعاف من الوقت المفترض لقطع المسافة . لماذا لا يقوم سكان القاهرة كلهم باضراب ؟ الواقفون معذبين في انتظار مواصلات يتكدسون داخلها ، وقائدو السيارات المحبوسون داخلها في طرق لا تتحرك . هو الأمل ربما . الأمل في أن يجد المرء فرجة ينفذ منها وسط الزحام ويكمل طريقه . الأمل في الخلاص الفردي وحسب .
***
3عصرا
في طريق العودة . واحدة من بين السيارات التي تتحرك ببطء السلحفاة كانت سيارتي بالقرب من الاستاد . عبر من أمامي طفل صغير جميل في يده علم ناديه ويده الأخرى في يد والده .تابعته عيني الى الجهة الأخرى ماشيا نحو الاستاد . كبقية جماهير ناديه لم يفقدوا الأمل في خروج ناديهم من دوامة الأزمات والمعارك ، والخسائر المتلاحقة لسنوات . لولا هذا الأمل لانهار كل شيء . فكرت أنني كان يجب أن ألتقط صورة للطفل ، لكنني لا أملك ترفا كهذا وأنا أقود في ذلك الزحام . كم يحرمنا الزحام من الأشياء الجميلة !
بالتأكيد كان الطفل سعيدا عندما فاز فريقه في المساء وقدم مباراة ممتعة ، وأحرز أهدافا غزيرة لم يحققها منذ فترة ، معتمدا على لاعبين شبان يقول الخبراء انهم يمثلون الأمل في مستقبل أفضل للفريق . مادام هناك مستقبل فيجب أن يكون هناك أمل .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك ٦ تعليقات:
3 موضوعات مختلفة تحت نفس العنوان: الأمل
أتفهم جدا الأمل في القصة الأولى والقصة الثالثة
لكني تألمت في القصة الثانية الوسطى عندما ذكرت أن الأمل في الخلاص الفردي
والخلاص الفردي أو الهروب هو ذلك الحل الذي لجأ إليه الكثيرون بالفعل .. ولا زال يحلم به المرابطون .. وهو ما يزيد من إستحالة إصلاح الوكن أكثر وأكثر
أنا معك أن فكرة الخلاص الفردي تصعب جدا من اصلاح الأوضاع ، فلماذا أتعب في اصلاح اشياء استمرت لسنوات وستحتاج لسنوات كي تتغير ان كنت سأجد حلا لمشكلتي الخاصة بأي شكل ، حتى لو كان شكلا عشوائيا أو مؤقتا ، لن يهتم الشخص ببنايته الايلة للسقوط أو شارعه المليء بالحفر والقمامة وسيكون كل أمله أن يجد بيتا اخر يهرب اليه ، أو بلدا اخر كما ذكرت..والحكام المستبدون يحرصون دوما على ألا يصل الشعب الى مرحلة اليأس التام التي قد تدفع الى الثورة ، وأن يجدوا من يستطيع الصعود والترقي حتى يراود كل واحد الأمل أن تواتيه الفرصة ليكون من بين هؤلاء ..
تحياتي لك يا عزيزي
بدقة متناهية "لضمت" ثلاثة مواقف
متصلة منفصلة لتكمل بها الصورة ..
الأمل بشتى صوره يبقى هو الأمل
هو الحبل السُري الذي يربطنا بالحياة
خالص تحياتي
وليد
أشكرك ياوليد على كلماتك ..
والحقيقة أن هذه المواقف حدثت لي كلها بالفعل في يوم واحد وفي التوقيتات المذكورة تقريبا..وجدتها تترابط بهذا الشكل ..
تحياتي لك
موضوعك الجميل عن الأمل أيقظ فيً فكرة كيف إستطاعت العقليه العربيه تحويله من شيء إيجابي بمثابة الحافز والقوه الدافعه للإستمرار في الحياه والمضي قدما فيها إلى شيء سلبي يدعو الا الإتكاليه والتراخي ,
فكم ممن لا يؤدي دوره أملا في أن يقوم به غيره
وكم ممن يسيء أملا في الإفلات من العقاب
وكم ممن ينتظر أن يصلح الله أحواله بمعجزه مثل عصا موسى أو إنفلاق البحر ويعيش على هذا الأمل !!
ليست كلمه خادعه ولكننا نحن من نجيد وضع التعريفات الخادعه
ربما كان تعليقي هذا متأثرا بموضوعك السابق الذي أحييك عليه أيضاً عن قيمة العمل وموضوعي الحالي في نفس الإطار
كل التحيه
محمد فوزي
شرفتني بزيارتك وتعليقك..
صحيح أن للأمل كما لأشياء كثيرة - وجها ايجابيا ووجها سلبيا وثقافة الانسان هي التي تحدد اختياره..
تحياتي لك
إرسال تعليق