يوم جديد
كل العصور أنا بها فكأنما
عمري ملايينٌ من السنوات ِ
شعر..نزار قباني
قصيدة وديوان ..الرسم بالكلمات
1
اسمه أحمد سيد عابد . هكذا أمليت الاسم وكتبته في أوراقي ثم دخلت الغرفة لأسأل عنه . كان الحاج أحمد - هكذا ناديته تأدبا ولا أدري إن كانت ظروفه قد سمحت له بالحج - في الخامسة والثمانين ، ملتحفا بعمامة تغطي نصف وجهه ومنديل من القماش ، وتغطي مقلتيه المياه البيضاء . كان يومه الأول في المستشفى ، ويفترض بي أسحب عينة دم من أوردته التي تبدو كالشجرة الخريفية العجوز . يتذمر ويشكو حظه في البداية ثم يمنحني يده في استسلام . يشكو لي ابنه - وهو رجل في الخمسينات - من ضعف شهيته . أسأله فيغمغم مشيحا بوجهه بأنه لا يريد طعاما . لكنه فجاة يغير مجرى الحديث ويقول مشيرا إلى مدخل الغرفة :
-كنت ألعب هنا .
أسأله مستغربا : هنا ؟!
يرد : نعم .. زمان . لما كنا صغارا . كنا نأتي إلى هنا ونلعب .
أقول باسما : وكنت تكسب أم تخسر ؟
لكنه يكمل بكل جدية : لا ..لا ..لا يهم . كنا نلعب . وكنا نذهب إلى الفناء الواسع نستمع إلى غناء (محمد طه) و (أبو دراع) .
يقول كلاما كثيرا مدغما لا أتبينه . يبدو مستغرقا في زمن آخر تماما . أطمئن ابنه بأننا سوف نقوم باللازم ، وآخذ عينة الدم ، وأنصرف .
*****************************
2
أقرأ الخبر في الجريدة ، ثم أرى اللقطات على الشاشة للرئيس عائدا من جراحة في الخارج ، يصافح مستقبليه في مطار شرم الشيخ حيث يقضي فترة النقاهة . يسيل الحبر وتنهال كلمات التهنئة من الجميع . التحفز يبدو واضحا على إظهار الرئيس بحالة جيدة تسمح له بإدارة شئون البلاد وربما الترشح لفترة رئاسية سادسة . لكن الفكرة التي تسيطر عليّ هي أن الفارق بين عمر الرئيس والحاج أحمد لا يزيد عن ثلاث سنوات .
****************************
3
أجد أنني بحاجة إلى الراحة من إرهاق العمل . أطالع الجريدة فأجد خبرا عن القمة العربية وكلمة الرئيس في ختامها .
" تصدر عن القمة توصية بتشكيل لجنة تتابع التعاون العربي المشترك "
أتساءل كم مرة سمعت هذا الكلام ، وكم مر من الزمن وأنا أسمعه ، لكنني لا أجد جوابا . أدرك أنني فعلا في حاجة إلى الراحة .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق