٢٦‏/٧‏/٢٠١٠

فوفوزيلا

يوم جديد
لا تسأليني عن غد ٍ لا تسألي
فغدا أعود كما بدأت ..غريبا
شعر..إبراهيم ناجي

يقولون إنها من تراث جنوب أفريقيا ، كانوا قديما يستخدمونها في النداء على بعضهم للاجتماع في الأمور الهامة . هي تلك الآلة الغريبة التي يصل طولها إلى المتر وتصنع من البلاستيك أو القصدير . بالتأكيد رأيتها ووصلك صوتها المزعج أثناء مباريات كأس العالم . دعك من طنينها الذي يقولون إنه يشبه صوت الفيلة ، فأنا لم أسمع صوت الفيل من قبل لأحكم على صحة هذا الشبه ، لكن المؤكد أن 127 ديسيبل من هذا الصوت الممدود المتصل أمر شديد السخف . دعك أيضا من أن الاتحاد الدولي لكرة القدم رفض كل شكاوي اللاعبين والمدربين ، والتحذيرات التي انطلقت عن ضرر الفوفوزيلا بالأذن ، وأبقى على وجودها كجزء من ثقافة البلد كما صرح رئيسه بلاتر . قد تكون هناك كما يتردد شراكة ما بين الفيفا والشركة المنتجة ، لكن السؤال الذي يلفت نظري هو : لماذا تتمسك جنوب إفريقيا بهذا الإصرار بمظهر من مظاهر ثقافتها حتى جعلت مشجعي العالم كله يستخدمونها ، وربما يصدرونها إلى بلادهم بعد البطولة ؟
لماذا لم تحاول جنوب أفريقيا أن تغير جلدها وتصبغ بشرتها السمراء بالألوان التي ترضي الغربيين الأكثر عراقة في اللعبة والأكثر تقدما في الحضارة ؟
عندما نظمت مصر بطولة أمم أفريقيا 2006 ، وضعنا تمثالا ساذجا يشبه أبا الهول في واجهة ستاد القاهرة المقابلة للمقصورة ، وفي أي ظاهرة فنية أو رياضية على أرضنا نأتي بجموع الراقصين في ثياب فرعونية (لا أعتقد أن هناك أي أساس لاختيارها) يقومون باستعراضات بلهاء يفترض بها التعبير عن تاريخنا الفرعوني . ذلك أننا نحب أن نصدر أنفسنا للعالم دائما من البوابة الفرعونية لأن الكثير من الغربيين لا يعرفون عن مصر سوى هذا الجانب ، مع أننا في واقع الأمر غير مهتمين أصلا بالتاريخ الفرعوني ، ولا نكاد كغالبية عظمى من الشعب نعرف عنه أبسط الأمور ، بل وفينا تيارات لا ترى في الفراعنة سوى فرعون موسى وتعتبرهم رمزا للشرك يجب التنكر له .
نجحت جنوب أفريقيا في تنظيم كأس العالم ، وأظهرت نفسها للعالم عبر واحد من مظاهر ثقافتها التاريخية ، وعبر رجل من المناضلين نحو التحرر الإنساني والتخلص من تخلف العنصرية هو مانديلا ، بالإضافة إلى ملاعب على أحدث الطرز ، ومنحت مظهرا مشرفا للقارة الفقيرة التي تحتضن الحدث العالمي لأول مرة ، فلا يجب أن تكون أوروبيا أو أمريكيا لتتمكن من الإنجاز والتفوق . فإن كنا مكانهم فهل كنا سنملك الثقة في أنفسنا وفي ثقافتنا ؟ وإذا كنا نسعى إلى التغيير والتقدم فهل يعرف أحد على أي وجه نحب أن نكون وأي نموذج نتخذه مثلا ؟

ليست هناك تعليقات: