يوم جديد
والناس تسأل والهواجس جمة
طب وشعر كيف يتفقان؟
الشعر مرحمة النفوس وسره
هبة السماء ومنحة الديان
والطب مرحمة الجسوم ونبعه
من ذلك الفيض العليّ الشان
ابراهيم ناجي
ديوان 00في معبد الليل
ليس غريبا أن يهتم طبيب بالكتابة أو أن تكون له ابداعات أدبية في الرواية أو الشعر أو المسرح ، لكن مايثير الانتباه أن عددا غير قليل من النابغين في الكتابة محليا أو عالميا كانوا من الأطباء ، بل وكان كل منهم (علامة فارقة ) في مجاله ، الأمر يعنيني شخصيا لأني أدرس الطب وأحب الكتابة ، أنطون تشيخوف مثلا هو أحد أهم الأدباء في تاريخ الأدب الروسي ان لم يكن الأهم على الاطلاق00أمير القصة القصيرة الذي صوّر الحياة في روسيا في أواخر القرن التاسع عشر بمنتهى البراعة والذي يعتبره الروس واحدا من أسباب نهضتهم رغم النقد الشديد الذي كان يوجهه لمجتمعه00أرثر كونان دويل00الطبيب المغمور الذي ابتكر شخصية شرلوك هولمز المحقق الشهير وكتب سلسلة القصص البوليسية الشهيرة التي لا نزال نقرؤها حتى اليوم والذي حقق نجاحا مدويا وحصل على لقب فارس (سير) 00يوسف ادريس الذي طوّر بشكل كبير في فن القصة القصيرة العربية الى جانب ابداعاته المسرحية00ابراهيم ناجي الشاعر الرومانسي الفذ الذي لم يجد الزمان بمثل من يطاول قامته -في رأيي على الأقل- نبيل فاروق وأحمد خالد توفيق 00نستطيع أن نقول ان روايات هذين الطبيبين الشابين أثرت في جيل كامل من الشباب تفتّح وعيه من خلال هذه الروايات الصغيرة وبدأ يعرف الأدب من خلالها وهي روايات ذات قيمة حتى وان تجاهلها النقاد00كما أننا نستطيع أن نعتبر نبيل فاروق رائدا فيما يمكن تسميته أدب الجاسوسية00علاء الأسواني طبيب الأسنان الذي أعاد الجمهور -بمعناه الواسع - الى قراءة الرواية بروايتي عمارة يعقوبيان وشيكاجو اللتين حققتا مبيعات قياسية وحصد كاتبهما جوائز عالمية00لكن كل هذا لم يجب على السؤال 00لماذا يحب الأطباء الكتابة ؟
ربما لأنهم يتعاملون يوميا مع أنماط مختلفة من البشر يحدثونهم ويسمعون اليهم ، ربما هذا يمنح خبرة كبيرة بالحياة وقدرة على رسم شخصيات أدبية-هذا من الأسباب التي يقول علاء الأسواني انها دفعته لعدم التخلي عن طب الأسنان-ربما أيضا لأن الطبيب يحتك بالانسان في لحظة شديدة الثراء هي لحظة المرض بكل ما فيها من مشاعر الألم والخوف والترقب والأمل00كل هذه (الطاقة )الشعورية يمكنها أن تفجر الابداع في روح الطبيب -اذا كان يحمل روح فنان-000ربما أيضا لأن كثيرا من الأطباء يكونون على قدر لا بأس به من الثقافة وهم بالتالي قراء للأدب وقريبون من ابداعه00ربما كل ذلك مجتمعا لكن المؤكد أن سلسلة الأطباء الأدباء لا تزال تتواصل وأن السؤال مازال في حاجة الى دراسة أعمق00
ملحوظة : هناك أسماء أخرى من الأطباء الذين اتجهوا للكتابة مثل أحمد زكي أبو شادي وأحمد تيمور في الشعر ولميس جابر كاتبة مسلسل الملك فاروق والقصاص المبدع محمد المخزنجي لكن صفة (العلامة الفارقة )لا تنطبق عليهم00
هناك ٤ تعليقات:
لأن الطبيب يحتك بالانسان في لحظة شديدة الثراء هي لحظة المرض بكل ما فيها من مشاعر الألم والخوف والترقب والأمل
هي دي الإجابة ببساطة
شكرا على تشريفك ليا
وأتمنى ليك مزيدا من الثراء
كل كلامك سليم يا زعيم
لكن يا راجل .. المخزنجي مش علامة فارقة
المخزنجي في رأيي يا أحمد غير تاريخ القصة القصيرة
عمل حاجة جديدة كدا لوحده
متهيألي أنه يستاهل
موضوع جميل يا أحمد
اولا أعتذر جدا عن تأخري في الرد وذلك بسبب انقطاع النت منذ أسبوعين
...................................
مصطفى
سعيد جدا بتعليقك وزيارتك وأرجو ألا تكون الأخيرة
أشكرك
...................................
أحمد
أشكرك على كلامك أولا وعلى مدونتك التي تمتعني ثانيا
أما بالنسبة للمخزنجي
لا أستطيع أن أحكم بشكل كامل على أدبه لأنني لم أقرأ له بما يكفي ، لكنني لم أضمه للمجموعة لأنني اخترت كتابا حققوا شهرة و جماهيرية واسعة وبالتالي كان تأثيرهم واضحا في عدد كبير من الكتاب والقراء -مع علمي أن الشهرة وحدها لا تصلح معيارا للحكم على الأدب-
شكرا
منذ أيام كان د0علاء الأسواني ضيفا على ندوة أقامتها احدى الأسر بالكلية وقد طرحت عليه السؤال (لماذا يحب الأطباء الكتابة) وأجاب : لقد فكرت في الأمر فعلا ووجدته ظاهرة عالمية تشيكوف واميل زولا الأديب الفرنسي وسومسرت موم الكاتب الانجليزي وأظن أن كلا من الطب والأدب موضوعهما واحد وهو الانسان
وبأن الألم الذي يراه الطبيب على مريضه هو واحد من لحظات الصدق النادرة التي لا يدّعي فيها الانسان ولا يكذب ثم أضاف : اذا جلس الطبيب في نهاية يومه واسترجع ما راّه من قصص انسانية ومشاعر فان الحاجز بين الطب والأدب يكون قد تلاشى
إرسال تعليق