يوم جديد
فان أمرض فما مرض اصطباري
وان أحمم فما حم اعتزامي
وان أسلم فما ابقى ولكن
سلمت من الحمام الى الحمام
شعر00أبو الطيب المتنبي
بدأت اليوم محاضرات الأمراض الجلدية00كانت المحاضرة-بكسر الضاد-في حوالي العقد السادس من العمر وكانت خفيفة الظل وذات حضور قوي مما جعلني -على غير العادة- منتبها لما تقوله وساعد على ذلك أن أغلب المحاضرة كان مراجعة على أشياء تمت دراستها من قبل مما جعلها مفهومة الى حد كبير-على غير العادة أيضا- لكن أكثر ما لفت نظري اليوم هو توقفها عن الشرح لتتحدث عن أستاذها الراحل الذي تتلمذت على يديه في أمراض الجلد00كانت تتحدث عنه بحب واعتزاز كبيرين :
"كان قدوة لنا في كل شيء00شخصيته 00علمه 00أخلاقه00نظامه00معاملاته00أينما تحرك في المشفى كنا ننجذب نحوه تلقائيا لنستمع اليه ونراقبه ونتعلم منه00كنت أرافقه أينما كان وأحضر كل محاضراته حتى وان طلب اليّ ألا أحضرها00كنت أقف أحيانا لأتأمل حقيبته فيٍسأل بدهشة :ماذا تفعلين؟ فاقول له :أشاهد حقيبتك يا أستاذ00كنت أنبهر بنظامه في ترتيبها ووضعه لكل ما يمكن أن يحتاجه الطبيب00أين هذا من طلاب الدراسات العليا -الاّن-الذين يأتون للامتحان دون الأدوات الضرورية؟00رحمه الله"
كان حديثها عنه شفافا وصادقا حتى انني تأثرت به وشعرت باحترام كبير لها-فقيمة الوفاء وتقدير العطاء ونسب الفضل لأهله تستحق كل تقدير- وشعرت كذلك بحب لهذا الشخص الذي لم يقدّر لي أن أراه00لكن كلامها أعادني الي أفكار تجيء وتذهب عن خاطري كثيرا00ترى أية مشاعر سوف أحملها لهذا المكان بعد أن أغادره؟00هل سأحمل مشاعر طيبة لهذا الأستاذ (الكبير) الذي تجمعنا في انتظاره مع تعليمات مشددة بأهمية الحضور ثم تأخر ساعتين كاملتين ليخبرنا بموعد الامتحان-الذي كنا نعرفه سلفا-ويقول لنا ببساطة :بالتوفيق !0وهل سأحمل أية ذكرى طيبة لهؤلاء الأساتذة الذين كنت أجلس في محاضراتهم شاعرا بكل الملل والسخط أراقب الساعة بين لحظة وأخرى وأستمع لثرثتهم التي لا أخرج منها بشيء؟ ماذا سأحمل لكل هذه العشوائية والفوضي التي تعج بها الكلية وهذه السنوات التي قضيتها في نظام تعليمي عقيم وسقيم لا يعرف الا تكديس كلمات فوق بعضها دون أية محاولة للفهم أو التفكير؟ثم كيف ستكون نظرتي لأجمل سنوات العمر -كما يقولون عن المرحلة الجامعية-وقد عشت جل أيامها ما بين احباط وكاّبة وسخط ؟انني لا أشفق على نفسي مما تعانيه الاّن وحسب ولكن أشفق عليها أيضا من هول هذه المشاعر التي سوف أحملها على عاتقي00
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك تعليقان (٢):
لا اعتقد ان الواحد ممكن يكون زي الدكتورة دي و يفضل يشكر في التكارة بتوعوا علشان الدكاترة دي مابقتش موجودة إلا قليلا جداااااااا
للاسف معاك حق فعلا قليلين جدا00شكرا على تعليقك ياباشمهندس
إرسال تعليق