١٤‏/٢‏/٢٠٠٨

لا يفكر!

يوم جديد
كتبت (أحبك) فوق جدار القمر
(أحبك جدا)
كما لا أحبك يوما بشر
ألم تقرئيها؟
بخط يدي
فوق سور القمر
وفوق كراسي الحديقة
فوق جذوع الشجر
وفوق السنابل
فوق الجداول
فوق الثمر
نزار قباني
قصيدة00أحلى خبر
ديوان00الرسم بالكلمات

اذن هو عيد حب جديد0لا أهتم عادة بمناسبة عيد الحب ، ولا أظن السبب الوحيد في ذلك كوني لا أعيش تجربة حب ولكن أيضا لأنني غير مقتنع أن الناس جميعا يجب أن يحتفلوا بالحب في اليوم نفسه ، ولا أتصور أن يفرض على القلوب بما يشبه ( الأمر) أن تحس جذوة الحب في وقت معين من السنة ،وأن يشترك المحبون كلهم في هدايا متشابهة ذات لون أحمر 00أظن هذا يفسد خصوصية العلاقة ويبتذل الأمر في بضعة طقوس جوفاء00لكن وبرغم كل ذلك ما رأيك بهذه المناسبة أن أقص عليك قصة رومانسية غريبة رواها وشهد عليها الراحل الرائع عبد الوهاب مطاوع في كتابه(وقت للسعادة00وقت للبكاء)0
كان الأستاذ عبد الوهاب يقضي مهمة عمل في احدى دول أوربا الشرقية الشيوعية-في ذلك الوقت- جالسا وحده في أحد المطاعم وتعرف بالمصادفة على فتاة من أهل البلاد تدعى (اّني) وشاب أيسلندي يدعى (اّلان) 00أخبرته (اّني) أن علاقة حب تجمعها ب(اّلان) منذ عامين حين تعرفت عليه اّتيا في رحلة سياحية لكنهما لا يستطيعان الزواج00يقول 00(عميد البريد) :
" الفتاة من دولة شيوعية والسفر للخارج ممنوع أو مقيد ، والزواج من أجنبي والسفر معه للخارج حلم بعيد المنال ويتطلب الأمر موافقة عدة جهات حزبية ورسمية وهو تصرف مكروه ويلقي على الأسرة بظلال من الشك والريبة في رجعيتها وميولها الامبريالية الرأسمالية!00000000واذا غامرت الفتاة ونجحت في الهرب من بلادها تحت أي ستار وتزوجت من فتاها ورفضت العودة تعرضت أسرتها لمضايقات كثيرة "
***
حفرت (أحبك) فوق عقيق السحر
حفرت حدود السماء
حفرت القدر0
ألم تبصريها؟
على ورقات الزهر
على الجسر والنهر والمنحدر
على صدفات البحار
على قطرات المطر
ألم تلمحيها
على كل غصن
وكل حصاة
وكل حجر؟
نزار قباني
نفس القصيدة
***
لكنهما استسلما للحب وأصبح(اّلان) يزورها كلما جمع ثمن تذكرة السفر والاقامة وبدأت القصة تستهوي الأستاذ لكن رجلين من رجال الأمن دخلا الى المطعم وتحدثا الى الفتاة وقد ظنا أنها اذ تجالس أجنبيين بعد العاشرة مساء أنها بغيّ تعرض نفسها على السياح لكنها أخبرتهما أنها طالبة جامعية فاصرا على أن تترك المكان و تعود بصحبتهما الى مدينتها الجامعية00
أمضى الأستاذ عبد الوهاب بعض الوقت مع (اّلان) يسرّي عنه الخوف والكاّبة التي اصابته بعد ما حدث لفتاته ثم عاد الأستاذ الى الفندق على وعد أن يلتقي ثلاثتهم مساء اليوم التالي00
***
كتبت على دفتر الشمس
أحلى خبر
(أحبك جدا)
فليتك كنت قرأت الخبر
نزار قباني
نفس القصيدة
***
في السالبعة والنصف صباحا فوجئ الأستاذ ب(اّني) تتصل به في الفندق تستفسر عما حدث ل(اّلان) فأخبرها أن (اّلان) تركه ليلا الى فندقه لتخبره (اّني) أنها اتصلت به في الفندق فقيل لها انه غير موجود 00وخافا أن تكون الشرطة قد تعرضت له فهرعا الى الفندق ليعرفا من موظف الاستقبال أنه تعرض لأزمة صحية ونقل الى المشفى 00عندما ذهبا وجداه راقدا وذراعه اليسرى مربوطة بضمادة كبيرة وعرفت (اّني) من الممرضة أنه قد دخل غرفته وأفرط في الشراب ثم غلبه الانفعال فقرر أن يكتب اسمها على ذراعه بنار السيجارة00حتى أغشي عليه وهو يحاول كتابة الحرف الأخير!
***
ليلى: ويح قيس تحرقت
راحتاه وما شعر!
قيس : أنت أججت في الحشا
لاعج الشوق فاستعر
ثم تخشين جمرة
تحرق الجلد والشعر
(يترنح قيس في موقفه وتظهر عليه بوادر الاغماء)
مشهد من مسرحية 00مجنون ليلى
لأحمد شوقي
***
بعد يومين غادر الأستاذ البلدة وعاد الى مصر ولم يعرف ما حدث للحبيبين بعد ذلك راجيا أن يكونا قد اجتمع شملهما خاصة بعد سقوط الحزب الشيوعي الحاكم في هذه الدولة وتغير القوانين00الى هنا انتهت الحكاية لكن العقل لا يفهم أبدا ما الذي جعل هذا الشاب يقدم على ما فعل ويكتب اسم حبيبته بالنار فوق جلده؟ فلو أنها طريقة ليعبر لها عن حبه فهي تدرك حبه بالفعل ثم ان هناك بالتأكيد طرقا كثيرة(أرحم) من هذه الطريقة النارية ! -من حسن الحظ أن اسم الفتاة كان من ثلاثة أحرف فقط والا ربما امتد الحريق الى ساقيه - ولا هو بذلك وقف ضد القوانين التي تمنعه عنها أو استطاع تغييرها00
وتصورتها تطرح عليه السؤال وتخيلته يجيب مرددا قول نزار
لم أفتكر بالأمر يا حبيبتي
ان الذي يحب لا يفكر!
نزار قباني
قصيدة00حبك طير أخضر
ديوان00الرسم بالكلمات0

ليست هناك تعليقات: