٤‏/٨‏/٢٠٠٨

لذة مباشرة أم بناء متكامل؟

يوم جديد
لا حربنا حرب ولا سلامنا سلام
جميع ما يمر في حياتنا
ليس سوى أفلام
زواجنا مرتجل
وحبنا مرتجل
كما يكون الحب في بداية الأفلام
وموتنا مقرر
كما يكون الموت في بداية الأفلام
شعر..نزار قباني
قصيدة..هوامش على دفتر الهزيمة

" أي جمال للأهرام غير ذلك التناسق الهندسي الخفي وتلك القوانين المستترة التي قامت عليها تلك الكتلة من الأحجار ؟ جمال عقلي داخلي ...
ان الجمال الظاهر نسبي لا يقدّره غير الانسان ، انما المنطق الداخلي للأشياء هو كل جمالها الحقيقي ، هذا الادراك للجمال الخفي فطن اليه المصريون القدماء يوم صنعوا الأهرام "
هكذا يقول توفيق الحكيم ، لكنه يفرق ما بين المصريين والعرب..
" هذا المقياس المصري القديم للجمال ما أحسبه قد أثر بعد في حياتنا الفكرية أو في أحكامنا الفنية ، أما التيار العربي القديم فهو النقد الذي قوامه الحس أي سليقة المنطق الظاهر والتناسق الخارجي ! الجمال عند العرب هو الشيء الذي يسر العين ويلذ الأذن ..أنستطيع أن نتخيل العرب تبني الأهرام أو تقدّر فيها جمالا ؟"
نحن كمصريين لسنا من جذور عربية ، لكننا بالتأكيد تأثرنا بالعرب في الكثير من الأشياء منذ الفتح الاسلامي أقربها اللغة ، ولا يختلف اثنان أن عاداتنا وتقاليدنا وثقافتنا المتوارثة تتشابه كثيرا مع بقية البلاد العربية..
يضيف الحكيم في موضع آخر:
" العقلية العربية لا تشعر بالوحدة الفنية في العمل الفني الكبير ، لأنها تتعجل اللذة ، يكفيها بيت شعر واحد أو حكمة واحدة أو لفظ واحد أو نغم أو زخرف لتمتلئ طربا واعجابا ، لهذا كله قصر العرب وظيفة الفن على ما نرى من الترف الدنيوي واشباع لذات الحس "
هل نحن كذلك ؟ وهل تأثير الثقافة العربية علينا كان أقوى من جذورنا الفرعونية ؟ الأهم ..هل يمكن أن يكون في هذه الفكرة تفسير للكثير مما نعانيه ، بمعنى هل تفسر أننا نهتم عادة بالمظهر على حساب الجوهر ؟ ونبني واجهة البناء ثم نتركه أجوف من الداخل ؟
اقرأ ما يقوله عبقري الموسيقا محمد عبد الوهاب في مذكراته..
"والشرقي بطبعه لذائذي فموسيقاه تخاطب اللذة فيه ، واللذة بمجرد أن تذوقها مرة أو مرتين تموت ..وأما الغربي فموسيقاه تخاطب العقل ..موسيقا منطقية..موسيقا ممنطقة ..والعقل لا تموت متعته أبدا "
هي الفكرة نفسها..هل هذا ما يجعلنا مثلا ننشئ برلمانا دون سلطة ودون رقابة ودون تمثيل حقيقي للشعب ؟ ونغير أسماء الوزارات دون أن نغير طبيعة عملها ؟ ونغير عدد سنوات الثانوية العامة مع أنه لا يوجد تعليم حقيقي أصلا ؟ وهل يفسر أن علاقاتنا تنوء بالمظهرية والتكلف والمجاملات المصطنعة ؟ هل نحن لا ندرك من الأمور الا شكلها الخارجي فقط؟
هل هذا صحيح أم أنني شطحت بخيالي ؟

*****
(*) كلمات توفيق الحكيم من كتاب (تحت شمس الفكر)
(*)كلمات محمد عبد الوهاب من مذكراته المنشورة في كتاب (رحلتي..الأوراق الخاصة جدا) اعداد وتقديم فاروق جويدة

ليست هناك تعليقات: